د. محمد عبدالله الخازم
سألوني عن البدايات في الكتابة فأخبرتهم بأن الخربشات (كما يمكن تسميتها) بدأت في (رسالة الجامعة) وهي التي تصدرها جامعة الملك سعود بشكل دوري، حيث كانت جل صفحاتها تتاح لنا كطلاب لعرض محاولاتنا الكتابية بما فيها النقدية ضد بعض إدارات وخدمات الجامعة، كنا نتلهف صدورها ونتسابق على حملها في بهو الجامعة مع فجر يوم صدورها. نبحث عن مقالتنا أو صورتنا أو مقال صديقنا أو رد إدارة الجامعة على قضية طلابية...إلخ. كانت صوتاً بارزاً للطلاب ووسيلة لتجربة أقلامهم وبث أفكارهم ومطالبهم.
أجابوني (خبرك عتيق يا دكتور). قلت أعذروني فأنا بعيد عن الجامعة وربما تطورت (رسالة الجامعة) لتصبح إلكترونية أو أصبحت منظومة إعلامية تحوي راديو الجامعة وقناة الجامعة، كأي منظومة تبدأ صغيرة ثم تكبر ولا سيما أن قسم الإعلام الصغير بالجامعة أصبح كبيراً ويمنح رسائل الماجستير والدكتوراه ويغذي مؤسساتنا الإعلامية بخبراته ومستشاريه الأساتذة.
ما هذه الخيالات، أين تعيش يادكتور؟
رسالة الجامعة لفضت هموم طلاب الجامعة ومشاركاتهم وأصبحت حائطاً لمقالات أعضاء هيئة التدريس وأخبار الجامعة. ويا ليتها ذات قيمة كبرى للطلاب ولواقع الجامعة، وإنما هي معلبات أكاديمية أهم ما فيها صور كتابها أعضاء هيئة التدريس. قلت لعلكم تبالغون وهذا طبع الشباب وحماسه، لكنهم لم يتركوا لي مجالاً للتخمين. أحضروا لي عدداً -عدد 1292- لم أجد فيه مقالات ومشاركات الطلاب. عشرون صفحة مليئة بالصور والأخبار ومقالات أعضاء هيئة التدريس جعلتني في حيرة ما هو دور (رسالة الجامعة) في عصرها الحاضر؟ لماذا لم تعد صوت الطلاب؟ هل ضاقت الجامعة ذرعاً بصوت طلابها؟ أم فشل إعلامها وأساتذته في الحفاظ على مستوى رسالتهم؟ من هو جمهورها المستهدف ولمن تكتب وعن ماذا تكتب؟ هل هي وسيلة تواصل وحوار أم مجرد لوحة دعائية خشبية موجهة صامتة؟
حزنت على رسالة الجامعة، وقد كانت ساحة خربشاتي الأول، حزنت على خنق صوت الطالب بجامعتي التي تخرجت فيها. أهذا مستوى قسم الإعلام بجامعة الملك سعود؟ أهذه رؤية الجامعة نحو إشراك الشباب والطلاب، ذكوراً وإناثاً؟ أهذه شفافية الجامعة في سماع أصوات منسوبيها وأهمهم طلابها؟
اعتذر؛ قد يزعج هذا المقال أحبتنا في جامعة الملك سعود وقد يزعج قراؤنا من مبدأ أن بعضهم يراها مجرد نشرة طلابية لا تستحق كل هذا الشجن حولها وتحميل موضوعها ما لا يحتمل، وقد يزعج أسرة التحرير وكتاب جريدتنا وبعض مستشاريها وقرائها من منسوبي أو خريجي جامعتنا العريقة، بما فيهم كاتب هذه الزاوية. لكن إذا كان الإعلام مرآة أي مجتمع فإن (رسالة الجامعة) يفترض أن تكون مرآة جامعة الملك سعود ومؤشر تقدمها الفكري والثقافي والأكاديمي والمهني، ليس فقط في مجال الإعلام والآداب باعتبارها منصة تدريبية لهم، بل وفي كافة المجالات بإعتبارها وسيلة تعبيرية لكافة منسوبي الجامعة وفي مقدمتهم الطلاب. تنازلت عن أحلامي برؤية (رسالة الجامعة) كمنظومة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة وأصبحت أطالب -فقط- بعودتها لسابق عهدها!