أمل بنت فهد
بين كلمات الإنسان يمكنك أن تلاحظ بطلاً أو ضحية، وهو اختيار مباشر أو غير مباشر، يدركه الإنسان أو يعيشه دون إدراك، فمن أنت؟ البطل أم الضحية!
من يعيش دور الضحية لديه أعذار قديمة وعتيقة، قد تصل من القدم إلى طفولته، تجده يعيد ويكرر الإهمال الذي عاشه، أو الضغط الذي رزح تحته، أو القسوة التي عاشها، إنه يعيش كل ذلك كأنه معلق هناك، يكبر عمراً، لكنه محبوس في ذات المرحلة الصعبة التي مر بها، إنها علة قد تجدها حتى على مستوى شعوب عانت في زمن بعيد من الاضطهاد، أو القتل، لكن أحفاد الأحفاد يحملون معهم تلك القضية كعذر لإحياء الانتقام، أو عذر للعجز والتكاسل، أو ذريعة لاتهام العالم بسبب كارثة انتهت منذ زمن طويل جداً.
لذا فإن من يعيش دور الضحية يحكم على نفسه بالموت قبل الأوان، لأنه مشغول بأثر الجرح بعدما شُفي، يتحسس ندوب الزمن على ذاكرته، ويعيش نفس الألم ويجتره من أعماقه، ويعلنه سبباً، ويظنه عذراً، ويحمله عقيدة يقاضي بها نفسه، فلا أحد يتذكر الصفعات الماضية، لكنه وحده المشغول بإعادتها من العدم، ويعيش طقوسه التي تحرق ما بقي منه حياً.
بينما من يعيش دور البطولة، أقفل دفاتر ماضيه، وأحرقها بمن فيها، ولن يسمح لأشباح الماضي أن تعبث بيومه، تألم وشفي تماماً، واتجه صوب رغباته، واحتياجاته، ويعرف قدراته، إذ لا يمكن لشيء أن يوقفه، يتعثر ومن ثم ينهض وهو أقوى من ذي قبل، لا يقبل أن يلعق جراحه أمام المارة، لأنه ليس مسكيناً، ولا يستدر العطف، بل يبحث عن حب جارف، يغمره تماماً، لأنه يعتقد يقيناً بالاستحقاق، يستحق الحب بكل روعته، يستحق الصداقة بكل أمجادها، يستحق المكانة التي يريدها، يرفض أن يقارن نفسه بأحد، لأنه فعلاً ليس كأي أحد.
وحده الضحية يحاول أن يعيش معنى البؤس، إنه ملك الدراما، أينما كان فإنه يثيرها ويبحث عن مشاهدين يبكون عليه، ويتأسفون على حاله، يروق له عرض آثار جلد الماضي، يحب أن يستعرض جروحه واحداً واحداً على المارين به، من الغرباء والأصدقاء.
لذا اختر أن تكون ضحية وفرجة بائسة، أو بطلاً وقُد ثورة ضد نفسك، وتحدى ظروفك بكل قوتك، وانحت طريقاً لذاتك، فسترحل وحدك على كل حال.