عبدالسلام بن عبدالله العنزي
يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة أجرتها معه صحيفة الفانيشال تايمز « لولا التغريدات لم أكن هنا»، وهناك في العالم الأوربي احتفلت الدنمارك العام الماضي بتعين أول سفير لها في « الجمهوريات الافتراضية»، حيث يعد السفير كاسبر كلينج و الذي عمل سفير لبلاده لدى إندونيسيا، أول سفير كما يطلق على نفسه «تكنوبلوماسي» وأعلن بأن مقر سفارتها القادم سوف يكون في وادي السيليكون» silicon valley» بسان فرانسيسكو.
ونرى هنا بأن أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبعض الدول الغربية اهتمت مبكرا بما يسمى «الدبلوماسية الرقمية»، فلا يكاد سفير لإحدى هذه الدول إلا ويوجد لديه حساب فعّال في توتير أو فيس بوك أو انستغرام للمشاركة والتفاعل مع الدول التي يمثل بلاده فيها، فالرسائل التي يريد إيصالها أو القضايا التي يرغب بالحديث عنها يكتبها من خلال حسابه في أدوات التواصل الاجتماعي.
فالدبلوماسية الرقمية وباختصار شديد تشير إلى استخدام الاعلام من خلال أدوات الإنترنت ومنها أدوات التواصل الاجتماعي في ممارسة شكل من أشكال الدبلوماسية الحديثة، ففي ظل هذه الثورة المعلوماتية وازدحام الكون بالأخبار العاجلة، اندثرت كثير من النظريات الإعلامية والمتعلقة بالحراك الدبلوماسي والسياسي ونقل المعلومات، فلسنا بحاجة لنظرية حارس البوابة gate keeper ولا نظرية الرصاصة في توجيه الشعوب والتحكم بقراراتهم من خلال الدعاية الإعلامية، حيث اتجه كثير من المنظرين والمحللين بالشأن السياسي والدبلوماسي في أمريكا وغيرها لإيجاد نظريات تتوافق مع التطور الهائل لهذا العالم الجديد، وذلك بان التواصل عبر الشبكة العنكبوتية بات أكثر تأثيراً من الرسائل التقليدية، فعند حدوث أمر طارئ، لم يعد المجتمع ينتظر عند شاشة التلفاز أو عند سماعة الراديو لتلقي المعلومه، فالخبر يصل خلال ثواني عبر رسائل عاجلة أو وسائط متعددة مختلفة، فسرعة التفاعل والتواجد في الحدث أصبحت ضرورة ملحة، فمن خلال إحدى الحسابات في أدوات التواصل الاجتماعي تؤثر بمجتمع بأكمله، حيث يقوم أصحاب الحساب النشط والفاعل بتغيير وجهات النظر وجذب الانتباه، بل وإيقاف العديد من الشائعات حول قضية معينة، وأيضا ايضاح العديد من الحقائق حول قضية أخرى تناولتها وسائل الاعلام.
لا نريد هنا الحديث عن المؤثرين في المجالات الرياضية والفنية أو مجال الدعاية و الإعلان، بل ما يهمنا هنا أين نحن من هذا التفاعل مع المجتمع الدولي، نعم نفتخر جميعاً كسعوديين بأن نجد لدينا في المملكة العديد من السفراء والمسؤولين الفاعلين والمؤثرين سواء في المجتمع العربي أو المجتمع الدولي، فحساب وزارة الخارجية في المملكة النشط والفعال في توتير تجاوز 2 مليون متابع ما هو نتيجة لفهم القائمين على العمل الدبلوماسي لدينا على أهمية التفاعل والتواصل عبر الأدوات الجديدة ناهيك عن حساب معالي الوزير الأستاذ عادل الجبير والذي يعد من أكثر وزراء الخارجية في العالم متابعة.
أما على مستوى سفرائنا في الخارج فحساب صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعد صوتنا لدى الرأي العام الأمريكي، تجاوز ذلك ليصل إلى المشاركة والتفاعل على مستوى المجتمع الدولي والحديث عن أهم القضايا الحساسة التي تهم المملكة والمجتمع الدولي فتارة تراه يخاطب عالمنا العربي باللغة العربية وتارة أخرى يخاطب الرأي العام الغربي والأمريكي بلغة واضحة وصريحة ومحددة بنفس الوقت.
كما أن لدينا هناك نشاطا ملحوظا ومتميزا لدى إدارة الاعلام والتواصل الجديد والتي سُخرت لها عشرات الطاقات الشابة للتفاعل مع هذا العالم الافتراضي، فهناك مواكبة لكل الأحداث التي تهم المملكة، وايضا سرد للعديد من سير السفراء السابقين، وكذلك المعالم التاريخية والأثرية في المملكة، فبدأ ملحوظا الاهتمام بالدبلوماسية الرقمية من خلال نشر الأنفوجرافيك والملتميديا.
نعم هي خطوة في الاتجاه الصحيح ومواكبة فاعلة لأهم التطورات في عالم التكنولوجيا، وقريبا سوف نرى العديد من سفرائنا في الخارج لديهم حسابات نشيطه وفاعلة يعبرون من خلالها عن مواقف المملكة الصادقة والنبيلة وينشرون رسائل المملكة القائمة على الوضوح ومبدأ الصداقة ونشر السلام في العديد من المجتمعات، ناهيك عن نشر رسائل الحب والإخاء النابعة من النهج السليم للقيادة الحكيمة في المملكة.
فمفهوم الاختطاف والأدلجة الفكرية وكسب المتعاطفين وشحن آخرين لم يعد مقتصرا على أناس دون غيرهم أو حكراً على قادة الرأي، ما تحتاجه فقط التواصل مع المجتمع من خلال حساب بسيط لدى أحد أدوات التواصل الاجتماعي تعمل على أن يكون نشيط ومواكب لأهم التطورات، فمن خلال ذلك تستطيع معرفة توجه الرأي العام ومدى تأثره بهذا ال حدث دون غيره، التكلفة بسيطة والإدارة صغيرة ولكن الأثر والنتائج بلا شك بأنها كبيرة جدا.