فوزية الجار الله
منذ بضع سنوات وصلتني رسالة عامة لأحد الشباب السعوديين عبر «الواتس أب»، حينها كان يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. صاحب الرسالة كان يتحدث عن أنه قد توصل إلى اختراع مدهش يتمثل بجهاز ينتج الماء من الهواء، عبر التكثيف وقد سارع به للمسؤول في الجهة التي ينوي العمل بها، إلا أن رد فعل المسؤول كان صادماً للأسف، فقد تم طرده من المكتب واتهمه بالجنون وأنه لاوقت لديه لإضاعته معه، ثم توجه إلى مسؤول آخر في جهة موازية لنشاط الجهة الأولى ولم يفلح، لم يكن رد فعله أفضل من المسؤول الأول، عندها قرر المخترع السفر إلى إحدى الدول الخليجية المتقدمة في كثير من المجالات وهناك عمل في إحدى الشركات التي احتوت اختراعه، إضافة إلى أنها قدمت له راتباً مجزياً.. للأسف نسيت اسم المخترع، صاحب الرسالة الشهيرة ولا أعلم ما لذي تم بشأنه ؟ إلا أنني فوجئت مؤخراً بقراءة خبر أشبه بالإعلان يقول بأن ثمة جهاز جديد «صناعة أمريكية» يقوم بإنتاج الماء من الهواء أي الاختراع ذاته الذي قام به المواطن السعودي أدهشني الأمر وتساءلت: حتى متى تضيع اختراعات أبناء بلادنا.. ولماذا لا يتم احتواؤها منذ البداية والاعتراف به ؟!.. هل ينبغي أن تكون الاختراعات أجنبية المنشأ كي نرحب ونحتفل بها؟!.. هذه الأسئلة أثارت خلفها سلسلة من التساؤلات والأفكار.. يحذر الكثيرون في معرض ترشيد استهلاك المياه بأننا ربما نُبتلى يوماً بأزمة مياه نظراً لطبيعة بلادنا الصحراوية فهل سيساهم هذا الاختراع بتوفير كميات وفيرة من مياه الشرب؟.. وهل سيخفف ذلك من تكلفة فواتير المياه التي ارتفعت بشكل ملاحظ مؤخراً؟.. وثمة أسئلة أخرى حول المخترع: هل أصابه اليأس بعد كثير من المحاولات فقرر التنازل عن اختراعه لإحدى الشركات الأجنبية ليظهر باسمها؟.. ولماذا ليس لدينا ثقة كافية باختراعات أبنائنا وقدراتهم الفكرية المتميزة؟.. لماذا لا يتم دعمهم مادياً ومعنوياً بما في ذلك حماية اختراعاتهم بإصدار براءة اختراع لهم من قبل الجهة المخولة لذلك.
يبدو أن هناك جهوداً هنا وهناك، لكن نحتاج إلى ما هو أكثر.. نحن بحاجة ماسة إلى تشجيع شبابنا من الجنسين على التفكير والإبداع من خلال أكثر من وسيلة، فالعلم هو السلاح الأقوى لمواجهة تلك التحديات العالمية المتزايدة يوماً بعد آخر، وحين يجد الشباب رعاية واهتماماً سيكون ذلك حافزاً لهم لمزيد من التفوق وسوف يساهم ذلك بانحسار تلك الأفكار والمواقف التافهة التي لا هدف لها سوى العبث وإضاعة الوقت فيما لا يجدي.