يحتاج الإنسان إلى عديد من العناصر في حياته، التي تعد رئيسة ومهمّة في تحسين حياته، والارتقاء بها، ونهضته هو ومجتمعه على حدٍّ سواء، ومن أبرز هذه العناصر عنصر التربية، التي تعني إكساب الفرد كافّة أنماط التفكير الإيجابيّة، والمرجعيّات الحسنة المتوارثة سواء الدينيّة أو الاجتماعيّة، التي يجب عليه استعمالها من أجل التصرّف في كافّة المواقف التي تواجهه.
التربية بصفة عامة تعد أمرًا معقدًا لا يستطيع القيام به كل واحد، وكلما اتسع نطاق البيئة التي تتم فيها هذه المهمة ازدادت صعوبتها، وبرز فيها خطر التأثر بما يمكن تلقيه من أفكار وسلوكيات، وفي عصرنا هذا صارت البيئة هي العالم كله، على ما فيه من اختلاف في الديانات والثقافات، يزداد حينًا ليكون تضادًا، ويقل حينًا ليكون تنوعًا.
تبدأ التربية السليمة منذ نشأتنا كأطفال.. فيجب تشكيل الفكر على نحو مدروس وتكاملي في جميع الجوانب الحياتية، وإعطاء أطفالنا كل الأدوات السليمة التي تساعدهم في حياتهم، «فالانطباعات الأولى تدوم».
والأسرة هي المؤسسة الأولى لبناء الإنسان، حيث يعتمد الطفل اعتماداً كلياً في إشباع حاجاته على أسرته، وهذا يجعله أكثر قابلية للتأثر بمن حوله، فهو لا يملك لنفسه بطبيعته القاصرة نفعاً ولا ضراً، ومع تطوّر نموه الجسدي والعقلي يبدأ بالتكيف مع المحيط وإدراكه، لكنه لا يزال معتمداً في تفكيره وتصوراته الذاتية، خصوصاً قبل المدرسة، على ما يقدمه الآباء من عاطفة أسرية سلبية كانت أو مفرطة أو متذبذبة.
وتعد التربية على القيم والمبادئ من أهم أسس التربية، وهي عملية مستمرَّة؛ بحيث ينبغي العملُ بشكلٍ دائم على تكوين الفَرْد وتنمية وعْيِه بنظام حقوقِه وواجباته، وترسيخ سلوكِه وتطوير مستوى مشاركته في ديناميَّة المجتمع الذي ينتمِي إليه؛ ذلك أنَّ أساليب غَرْس القِيَم لدى المتعلِّمين وشباب المستقبل تكمن في عمليَّة التنشئة الاجتماعيَّة التي تبدأ مع الأسرةِ على اعتبارها من العمليَّات الأساسيَّة في حياة الفرد؛ لأنه خلالها تتبَلْور شخصيتُه ليصبح قادرًا على التفاعل في المحيطِ الاجتماعي والانضباطِ بضوابطه.
تؤثر التربية السليمة على المجتمع، فهي تجعل الفرد قادراً على العطاء والبذل بشكل أكبر، فحين تنال قدراً عالياً من التربية فإنك تمتلك قدرة عالية من الإحساس بغيرك من الناس الذي يعانون الأمرّين بسبب المشكلات التي تعترضهم، فتمد يدك دائماً لمساعدة الآخرين والوقوف بجانبهم، وهي أيضاً ترفع من سوية الإنتاج والعمل في الدولة، فالدولة التي يعيش على أراضيها مواطنون لديهم قيم ومبادئ، لن تعرف التراجع؛ فكلّ أيّامها ستكون عبارة عن درجات لسلم الرقي والرفعة، وليس على سلم الهبوط والانحطاط.