مرّت سنوات..
وبعض النساء السعوديات يقعن تحت مظلة رحمة السائقين لإيصالهن لأماكن احتياجاتهن من مدرسة وجامعة أو مقر العمل أو المول التجاري ونحو ذلك.
مرّت سنوات..
عانت فيها بعض النساء السعوديات من خسائر نفسية وصحية ومادية وهنَّ صبورات على سائقين بعضهم من يتهور في السرعة والبعض الآخر بطيء الفهم.
مرّت سنوات..
تمسك فيها معظم المشايخ والعلماء برأيهم في تحريم قيادة المرأة للسيارة بحجة (سد الذرائع), مع أنه من باب أولى أن يُطبق باب (سد الذرائع) على فئة الشباب وليس على النساء, لأنَّ معظم الحوادث المرورية التي تقع يكون لفئة الشباب يداً فيها إما بتهورٍ في السرعة أو بالتفحيط أو بقطع الإشارة ونحو ذلك.
وتأكيداً على ذلك..
فوفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية الذي ذُكِرَ فيه بأنه: «تزيد احتمالات وقوع الحوادث عندما يكون السائق ذكراً وشاباً, وتبقى حوادث الطرق السبب الأول للوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين».
كما نشرت صحيفة عاجل الإلكترونية في يناير 2018م بأن معهد البحوث والدراسات الاستشارية أورد نسبة الحوادث المرورية لعام 1438هـ والتي تزيد عن 460 ألفاً حادث مروري, بمعدل 7489 حالة وفاة ومعظمها لأعمار تتفاوت بين الثامنة عشرة وحتى الثلاثين عاماً, لتصبح الحوادث المرورية في السعودية داءً خطيراً وفتاكاً.
ومع قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- والذي يقضي بأحقية المرأة السعودية بقيادة السيارة ابتداءً من تاريخ العاشر من شهر شوال لعام 1439هـ رأينا بعض النساء يمارسن حقهنَّ في قيادة السيارة لتلبية حاجاتهنَّ من الذهاب إلى مقرِّ العمل أو للتسوق أو للتنزه أو للعلاج وما إلى ذلك.
ومن المهم في هذا الجانب أن يعيَّ جميع أفراد المجتمع نساءً ورجالاً, كباراً وصغاراً, بأن القرار اختياري وليس إجباريًّا, فالمرأة التي لا ترغب في قيادة السيارة فلن يجبرها أحدٌ على ذلك.
حتى وإن وُجِدَ معارضون لهذا القرار بمنع بناتهم وزوجاتهم من قيادة السيارة, فهذا أمرٌ وقتي وسيزول رغم أنفِ كل مانع, كما حصل مع قضية تعليم البنات سابقاً.
لأن التغيرات الثقافية والاجتماعية حينما تحدث في مجتمع ما فإنها تبدأ بالتدريج حتى تتمكن من أفراد المجتمع ككل.
ولنأخذ على سبيل المثال: مقارنة بين رأي بعض المشايخ والعلماء في قيادة النساء للسيارة سابقاً من رفضٍ وتحريم, إلى إباحة وتحقيق مصالحها في الوقت الحالي.
لذا..
فمع بدء قيادة المرأة للسيارة تستطيع النساء أن تقُلن وبصوتٍ عالٍ:
وداعاً للسائقين.
وداعاً للانتظار على أرصفة الشوارع وكراسي المولات والجامعات.
فلن تعود المرأة السعودية الموظفة بحاجة إلى السائق.
ولن تعود المرأة المطلقة أو الأرملة بحاجة لشفقة أحد لتدبير سائقٍ لها لقضاء حاجاتها فهي تستطيع أن تخدم نفسها بنفسها.
ولن تعود الطالبة التي تدرس بالجامعة بحاجة للتعاقد مع سائق يتبع لشركة أو لشخصٍ ما من أجل إيصالها للجامعة ومن ثمَّ إرجاعها بعد ذلك للمنزل.
ختاماً..
من حق المرأة أن تقود السيارة, وواجب على المرأة أن تلتزم بأنظمة المرور, ومن واجب الرجل أن يحترم خصوصية المرأة في قيادة السيارة.