د. خيرية السقاف
المناضلون في فلسطين يقتلون، يسحقون، يسكبون دماءهم سقيا، وأرواحهم جنودا..
يُسجن منهم من يسجن، بعضهم كهفٌ هي زنزانته، وكأنه في نومة لا يدري عنه أحد شيئا..
يبقى في ذاكرة أهله، وجيرانه، وخبراً ربما تعرَّض للضوء ثم تطويه الأيام،
وربما يتبدد في مساحة شارع بيته، وحدود حارته،
وبعضهم تعلو أصواتهم، ينقلها الهواء، واللاقطات، ويسري بها الركبان، ويصبح قضية،
إما للخروج من قبضة الصهاينة سليم الجسم، طليق الوجه، معافى العقل، وإما هيكلا يتحرك وقد غسلوا دماغه، وزرعوا فيه بذورا تنبت شجرا يظلل حواف الطريق إليهم..
قضية الفلسطينيين بدأت ولم تنته، طال عليها العهد، ويستمر حتى يقضي الله بأمره..
المناضلون منهم داخلها وحدهم من يتذكرها، يتفاعل معها، وكثير منهم يمررون أيامهم على مضض، يتقبلون واقعهم بصمت.
والكثرة من أولئك الذين خرجوا مذ أول اندلاع شرارة، وما بعد، تركوا بيوتهم، أهلهم، ترابهم، قضيتهم، وانتشروا في الأرض حيث يحلون يتأقلمون، وحيث يعيشون يتنسمون حمل منهم من حمل هويات الأرض التي تقلهم، والوطن الذي يحلُّون به..
آخر ضحايا الصوت، والصورة، والسجن والقضبان، والصفعة، والصدى، والمحاكمة،
أو الموت... الخيار الأمثل للمناضلين فداء، ووفاءً من داخل فلسطين..»عهد التميمي»..
بالأمس أطلق الصهاينة عنها مقبض الباب، أرخوا القضبان وتركوها تمر، مرت دون أن تحني رأسها، لا زالت شامخة، بعينين كالصقر تنظر، بكثير من الآمال تعتمر، ولكن..
هل تركوها معافاة؟..
سبعة شهور ما الذي كان بها في غياهبهم؟!..
الأيام التي ستأتي ستحدث عن الذي سيكون..