د.ثريا العريض
واضح أن استدامة الأمن في كل دولة على حدة يرتبط باستقرار الأوضاع الاقتصادية ورضا المواطن.. بينما رغبة السيطرة الاقتصادية لتأمين رخاء الاقتصاد المحلي ترسم العلاقات بين الدول الكبرى والصغرى, وقد ترسخ سياسات يملي فيها الطرف الأقوى إستراتيجيات الهيمنة.
كل الأنظمة الواعية تصر على علاقات ثنائية متوازنة تحفظ لها حقوقها ومصالحها. ولا دولة ترغب في علاقة هي فيها الطرف المستغل أو المغتصب. وما زال النفط وصناعته يحدد استقرار اقتصاد العالم الصناعي. ولذا تعي المملكة العربية السعودية أهمية دورها في المحافظة على استقرار اقتصاد العالم, وتحاول إقناع زميلاتها في منظمة الأوبك بأهمية ذلك. ورغم محاولات البعض تأكيد فكرة أن عصر سيادة النفط قد انتهى إلا أنه مازال سيد الساحة. أما نظام الملالي فللقائمين عليه رؤية أنانية تقوم على حماية مصالحهم.
حين تتوالى اجتماعات اللجان الدولية بالأطراف المتنازعة ولا توصل إلى اتفاق مستدام، وحين تجرؤ صواريخ وزوارق محملة بالمتفجرات المهداة من إيران لتنطلق إلى مناطق سكنية بمدن ومطارات في الإمارات والمملكة العربية.. وتهدد العالم بكارثة بيئة وصناعة مشلولة واقتصاد مدمر, يبدو أن ما يجب أن يتوقف هو الفكر المريض الذي يسمح بكل هذا الإرهاب القاتل.
في مقابل ذلك دول التحالف العربي مشغولة بفكر الإغاثة ومد أيديها بالعون وإعادة التأهيل والبناء. بماذا نبدأ لنثبت الاستقرار والأمن المستدام في المنطقة ككل؟.. هناك مستلزمات أمنية مشتركة للقضاء على تهديدات عدم الاستقرار تتطلب في كل دولة إجراءات أمنية احترازية وقائية: منها استمرار التصدي لفكر الدس العدواني والخلايا الإرهابية المستترة, ومنع وتجريم كل الممارسات العامة والخاصة التي تدعو للاقصائية والتفرقة الفئوية, أو تدعمها بصورة مباشرة أو غير مباشرة مادياً أو معنوياً. وأن يشدد على التصدي لجرائم الفساد وتطبيق وتنفيذ الأنظمة بحزم يسعى لاستدامة الأمان وحقوق الإنسان في مواطنة تحميه من أي تعدي.
وفي إطاره الإقليمي والعالمي تتطلب أوضاع الجوار الخليجي الحالية إعادة ترتيب الأولويات لاستدامة ترسيخ الاستقرار مستقبليا. فمثلاً بينما تستمر الإجراءات الردعية لمواجهة تداعيات الصراع بين الحكومة اليمنية الشرعية والانقلابيين الحوثيين, وتستمر الحاجة لحشد تحالف دولي للدفاع, ومنع الاعتداءات عبر الحدود على المدن السعودية بتخطيط من ملالي إيران, وتسليح وتدريب وقيادة الحرس الثوري الإيراني. إلا أننا ونحن نقترب من نهاية الصراع الدامي يتوجب التأهب لحقبة التأهيل وإعادة البناء. وقد بدأ ذلك.
المجالس التنسيقية الثنائية بين دول الخليج تحمي من نتائج تصدع مجلس التعاون الخليجي, بالإضافة إلى قرار الدول الأربع مقاطعة قطر لعدم تنفيذها وعودها الأسبق بالتوقف عن التدخل في شئون جاراتها ودعمها واحتضانها الإرهاب مادياً وإعلامياً.
قطر حتى الآن خارج إطار الوفاق الخليجي العام ملتجئة لمساندة إيران وتركيا لوجستياً, واستيلاد المساندة الإعلامية عبر ضخ المد المالي.
وضع قطر.. ضربني وبكى سبقني واشتكى؛ وضع لا يمكن أن يستمر ولابد من حل.