م. خالد إبراهيم الحجي
إن حافلات النقل العام جزء أساسي من البنية التحتية للمواصلات العامة التي تخدم في الطرق بشكل ترددي وفق جداول زمنية محددة في داخل المدينة الواحدة. وتفيد الإحصاءات في أمريكا أن المركبات كبيرة الحجم مثل الشاحنات والحافلات تشكل فقط (10) في المئة من إجمالي المركبات التي تسير في الطرق الأمريكية، إلا أنها تسهم في (67) في المئة من مجمل التلوث الكربوني في الهواء، لذلك ترى أمانات البلديات في كثير من مدن العالم أن حافلات النقل العام يجب أن تعمل بشكل مثالي، وأن تستخدم الطاقة الكهربائية النظيفة لتقلل من الانبعاثات الكربونية التي تلوث هواء المدن، وتحافظ على صحة البيئة، وتتناسب مع إجراءات التنمية المستدامة التي تطبقها بعض الدول، وتحتاجها الدول الأكثر تلوثاً وسكاناً في العالم الهند والصين وأمريكا. والهند أحدثهم مبادرة وآخرهم سعياً للتحول الكهربائي؛ إذ أعلن نائب رئيس الوزراء مانيش سيسوديا أن الحكومة منحت «مبدئياً» هيئة النقل العام في نيودلهي الموافقة على شراء (1000) حافلة كهربائية ستعمل على طرق المدينة من يونيو إلى يوليو العام القادم 2019م. وقد بدت الصين أكثر حماسة واستعداداً في وضع أهداف جادة وطموحة لنشر حافلات الطاقة النظيفة داخل مدنها، والدليل على ذلك هو وجود شركة (بي. واي. دي) أكبر بائع للسيارات الكهربائية في الصين المدعومة من الملياردير الأمريكي وارين بافيت، وقد باعت الشركة خلال العام الماضي (128000) حافلة جديدة تعمل بالطاقة الكهربائية من الفئة التي تشمل نوعين من الحافلات؛ بعضها يعمل بالكهرباء فقط، والبعض الآخر هجين؛ أي يعمل بالكهرباء والديزل أو بالكهرباء والغاز معاً، وذلك داخل الصين فقط. ويعتبر الشحن الكهربائي السريع على الطرق من المعالم المهمة في زيادة أسطول الحافلات الكهربائية للنقل العام الذي تطمح إليه بلديات المدن في جميع دول العالم. وإلى وقت قريب كانت العقبة الرئيسة لاستخدام الحافلات الكهربائية هو مدة الشحن المحدودة التي تنتهي في مسافات قصيرة وحاجتها إلى إعادة شحنها مرة أخرى بين كل عشية وضحاها، إلا أن شركة (مومانتم دينامكس) الأمريكية في 26/ يونيو/ 2018م استطاعت تطوير نظام الشحن الكهربائي اللاسلكي بطريقة أوتماتيكية عند الوقوف المتكرر للحافلات في محطات الركاب؛ فأدى هذا التطور إلى سرعة انتشاره في أمريكا؛ فتم تركيبه في مدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي الأمريكية، ومن ثم مدينة ويناتي بولاية واشنطن خلال العام نفسه، ومن المقرر تركيبه واستخدامه في أوروبا خلال عام 2019م. كما نجحت التكنولوجيا في تحسين الطاقة التخزينية للبطاريات؛ فأصبحت الحافلات بمقدورها أن تقطع مسافة (200) ميل بشحنة كهربائية واحدة، ويمكن إعادة شحنها في أقل من عشر دقائق لمواصلة رحلاتها الترددية المجدولة مما يتيح لها نطاق قيادة غير محدود، مع قدرة تسارع من (0-20) ميل أسرع على الإطلاق من أي حافلة في فئتها من حافلات الديزل أو الغاز أو الهجين. ويصل ثمن تكلفة الحافلة الكهربائية في أمريكا نحو (750) ألف دولار مقارنة بحافلة الديزل العادية التي لا يتجاوز ثمنها (435) ألف دولار وفق مواصفات النقل العام الأمريكية، لكن انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة للحافلات الكهربائية تعوض فرق سعر الشراء على مدار (12) عاماً من عمر الحافلات. ومن الطبيعي المعتاد أن سعر تكلفة التكنولوجيا الجديدة في وقتها المبكر يكون مرتفعاً جدًا ثم ينخفض تدريجياً مع زيادة التصنيع وانتشاره مع مرور الوقت، فمثلاً: كان سعر التلفزيون البلازما (20000) دولار عندما ظهر في أمريكا قبل (20) عاماً، وبعد ذلك بعشر سنوات انخفض سعره إلى (900) دولار. لذلك تفيد التوقعات الأولية والتقديرات المبدئية أن نصف حافلات العالم ستصبح كهربائية بحلول عام 2030م.
الخلاصة:
إن الحافلات الكهربائية أصبحت مستقبل النقل العام في دول العالم المتقدم، واللحاق بهم يتطلب وضع الحافلات الكهربائية هدفاً ضمن برنامج التحول الوطني للتطوير المستدام.