أحمد المغلوث
من الأشياء المعروفة لكل باحث في علم الاجتماع أنه يستطيع سبر مختلف جوانب الحياة في أسرة «المواطن» في هذا المجتمع أو ذاك، وعلى ضوء هذا البحث أو الدراسة يكتشف «النواة»، وجوانب الحياة الحقيقية لما تعيشه أسرة المواطن في كل مكان في الوطن، وذلك من خلال معرفة مكوناتها وعلاقاتها ووظائفها المختلفة؛ وبالتالي يستطيع التوصل إلى المعرفة الحقيقية لسمات هذه الأسرة التي هي قبل وبعد الأساس في مجتمع الوطن، كل الوطن. في المدينة والقرية، في البادية أو فوق الهضاب أو الأودية.. سوف يكتشف هذا الباحث المخلص طريقة حياة أسرة «المواطن»، وكيف يعيش، بل يستطيع من خلال الاستفتاء وطرح الأسئلة التي توثق إجابات مباشرة معرفة جوانب خفية، قد لا يعرفها بعض المسؤولين في مختلف القطاعات، خاصة التي لها علاقة بتقديم الخدمات للمواطن. كل هذا مهم، بل ضروري في بداية إعداد كل ما له علاقة بالخدمات التي يحتاج إليها المواطن الذي من أجله كان هذا الوطن الشامخ وخططه وبرامجه المختلفة منذ تأسس على يد المؤسس - طيب الله ثراه -.
لا شك في أن الوزارات المعنية في مختلف القطاعات، من تعليم وصحة وتنمية اجتماعية.. إلخ، قامت بعملية استقصاء ودراسة، من خلالها أعدت برامجها المختلفة التي من أجلها، وبناء عليها، وضعت «الخطط « والمشاريع، وقدمت الخدمات التي يحتاج إليها أفراد المجتمع في كل مكان من وطننا الحبيب وأرضنا الطيبة.. بل عليها بين فترة وأخرى أن تعيد الدراسة والبحث والاستقصاء لاكتشاف أثر إنجازات الوطن على المجتمع بشكل عام، والأسرة المستفيدة بشكل خاص؛ وبالتالي تستقصي أثر ذلك، خاصة بعد مضي عقود عديدة على حياتهم، وكيف تطورت وتنامت الأسرة المواطنة التي كانت قبل أربعة عقود مثلاً تتكون من زوجين، وها هي اليوم لديها العديد من الأبناء والبنات.. بمعنى: لقد طرأت على نواة الأسرة التي هي المكون الأساس في مجتمعنا الكثير من الأمور؛ إذ تضاعفت المصاريف، وكثرت الأعباء على أولياء الأمور داخل الأسرة.. وهل استقل بعض أفراد الأسرة اقتصاديًّا أم ما زال بعضهم يعتمد على والديه في تدبير أموره المادية؟.. هل مسكنه الذي بناه من قرض صندوق التنمية العقارية ما زال مناسبًا لإقامته مع زيادة أعداد أفراد الأسرة؟ وهل ما زالت الديون تكبله وتقتطع جزءًا كبيرًا من راتبه التقاعدي، أو من دخله المحدود الذي لم يتغير ولم يتعافَ منذ إحالته للمعاش؟ جميع هذه الظواهر استجدت وتطورت؛ وزادت أعباء الحياة بصورة لافتة للنظر؛ لذا يتطلب ذلك من المختصين في الجوانب الاجتماعية، وحتى في «حساب المواطن»، أن يشخصوا هذه الظواهر، ويدرسوها من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والصحية، وعلاقتها بالتغييرات الحياتية والتنموية التي يعيشها مجتمعنا في ظل قيادة حكيمة، تحب الخير لكل مواطن.
لقد تغير نمط ونسق الأسرة السعودية في السنوات الأخيرة تغيرًا كبيرًا؛ يتطلب الدراسة والتحليل عن طريق المنهج المقارن والاستقصاء المباشر؛ لنعرف علاقة حياة الأسرة في هذا الوقت المتطور. وهذا لن يتحقق إلا من خلال المعرفة المنهجية والخبرة والمقارنة والجولات الميدانية، وتسجيل الملاحظات التي تسهم في إعادة صياغة الخدمات التي يجب أن تقدَّم للمواطن بصورة مثالية، المواطن الذي يتطلع بتفاؤل إلى برامج وخطط رؤية المملكة 2030. فهل نفعل؟