مها محمد الشريف
عدنا إلى ذات الملف المحمل بالأحداث الذي أفلت من قبضة المعقول ووصل إلى تشريع العنصرية بقانون القومية اليهودية الذي ينتهك بشكل صارخ قرارات الأمم المتحدة. لا شك أن العقل يبذل مجهوداً كبيراً للتعبير عن نفسه قبل الهوى ضمن دائرة المعقول، وما يهمنا هو ما يضيفه الواقع من مستجدات سلبية نضطر قبولها ليصبح ذلك القبول وثيقة في أيدي المنافقين.
فلا ينبغي أن نصفها إلا بعلاقة يتساوى فيها العاقل مع الجنون، ولا بد أن نؤكد أن هذا التبدل القمعي قاد إلى خطأ فادح في سلامة العدل والسلام في القضية الفلسطينية، ولعلنا نشاهد اليوم رفع قبعة العنصرية والتعصب البشعة من فوق الرؤوس الإسرائيلية، ويستمر الاعتلال والحقد ضمن قانون «يهودية إسرائيل» التي تستعمر وتحتل أرض فلسطين.
لا تختلف الأمم في الغايات بقدر اختلافها في السبل إليها، فمنذ قام مايكل دينس بإشعال النار في المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين لم تتوقف آلات الحفر من العبث بالأساسات والجذور
والعصابات اليهودية المتطرفة الأقصى تحت حماية جيش الاحتلال ولم نتفاجا قط من مخططاتهم والحركة الصهيونية التي تقودهم.
ومازال نتنياهو يحيك الغدر لفلسطين، ويريد انتزاع تاريخها من تاريخ الصهيونية في أهدافها لاتخاذ قرارات خطيرة للغاية أهمها «تشديد الإجراءات المتخذة للتعامل مع حوادث إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، إضافة إلى احتمال تغيير تعليمات إطلاق النار على الشبان الفلسطينيين، وتحديد سقف أدنى قضائي ملزم للعقوبات المفروضة على عقوبات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، وفرض غرامات عالية على القاصرين وأولياء أمورهم».
من هنا نفهم ما يحيرنا، وكيف تجلت طموحات وأهداف الصهيونية، كسلاسل ذات مقاييس طويلة تمتد إلى زمن بعيد من جرائم حرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ففي الإنسان ما يرغب فيه وما لا يرغب من هزائم تصادفه، وفوز يفرحه، وقلق عقلي ينعدم الألم فيه إذا انصرف إلى الاتجار بأرواح الناس من أجل قتلهم وامتهان كرامتهم وسلب أراضيهم وممتلكاتهم.
وبالتأكيد على الروابط الكامنة لهذا القانون سيتحول بناء المستوطنات وتهويد القدس الشريف، فهو يعني ضمنياً مبدأ دستورياً ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وهكذا نرى أن الأمر يفوق الاستنتاج بإستحالة السلام ويؤدي إلى نتيجة عكسية في سلوك يسعى إلى فعل متعمد لا يعترف بما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحرّم نقل وتهجير السكان في الأماكن المحتلة أثناء الحروب، ولذا يعد تصرفاً مستنكراً بتغيير طابع وهوية البلد المحتل، وإسرائيل ضربت بجميع القرارات عرض الحائط حتى قرار الأمم المتحدة رقم 2334 لعام 2016 الذي يجرّم بشكل مباشر الاستيطان الإسرائيلي ويدعو إلى وقف العنف ضدّ المدنيين الفلسطينيين، وتمثيل تدريجي للعنف يؤدي إلى إبادة جماعية.