فهد بن جليد
هذا الصيف تعرَّفتُ على أشخاص سافروا للسياحة دون تخطيط ودون هدف، لا يعلمون ماذا يريدون؟ ولا كيف يستمتعون؟ خسروا أوقاتهم وأموالهم فقط ليكونوا بين الناس ويُطلق عليهم سُيَّاح، هؤلاء لم يتخذوا قرار السفر وتحديد الوجهة بشكل مُستقل تبعاً لرغباتهم، لأنَّهم لا يعرفون معنى التخطيط وفق احتياجهم، هم مُرتبطون بقرارات آخرين (أصدقاء، أقارب)، هكذا تعودوا في مُختلف مناحي حياتهم خوفاً من تجربة الخطأ والفشل -برأيي- هم نموذج وضحايا لخطأ ما، ارتكب في إحدى مراحل تربيتهم.
مُبادرة الأهل في إشراك الطفل مُنذ الصغر في عملية صناعة القرار داخل الأسرة - فيما يخُصّه أو يمسّه بشكل مُباشر - كاختيار وجبه، المُشاركة في تحديد لون ملابسه، نوع لعبته.. إلخ، هي اللبنة العملية الأولى في تكوين شخصيته، والتي تنعكس على قدرته في المُضي في هذه الحياة بكل ثقة ودون تردد وإتكالية، وهذا يتضح في اختيار مجال الدراسة، ونوعية الأصدقاء، تحديد الاحتياجات وفق القدرات المالية، اتخاذ قرار الزواج وتكوين الأسرة في الوقت المناسب وبالطريقة المُثلى.. إلخ.
تدريب الأبناء وتعوِّيدهم على التفكير في النتائج والتمايز بين الخيارات المطروحة، والأهم التشجيع على تحمل المسؤولية عند الاختيار، يُنتج جيل قادر على اتخاذ قراراته بنفسه لصُنع وتشكِّيل مُستقبله، والأهم أن يقتنع الآباء بأنَّ تطوير هذه السمَّة لدى الأبناء يأتي من خلال الخطأ والتجربة، وهو ما يحتاج صبر وتفهم وتقدير ومُساندة، فالقدرة على اتخاذ القرار الصائب مرهونة بالخبرة، التي تأتي مع تكرار التجارب، وتحمل مسؤولية القرارات في مُختلف مراحل العمر، وتقبل نتائجها مهما كانت، لن تكون بجوار ابنكم طوال الحياة، حتماً سيأتي اليوم الذي يجب عليه القيام بهذه المهمة بنفسه، لذا لا تحاول اتخاذ القرار نيابة عنه في الصغر - من باب العاطفة والحب - أو الخوف عليه، أشركه في الأمر حتى لا يأتي اليوم الذي يُصبح فيه أباً يقود أسرة عاجزة بأكملها عن اتخاذ القرار خوفاً من الخطأ، فيما العنوان أعلاه يحمل ما هو أسوأ من ذلك.
وعلى دروب الخير نلتقي.