من الإخوان الذين تشرفت بمعرفتهم خلال عملي وإقامتي في مدينة الرياض في فترة ماضية وظلت علاقتي المعرفية به وطيدة ومستمرة، الأخ الكاتب الأديب حمد عبدالله القاضي، خاصة عندما اسندت إليه رئاسة تحرير المجلة العربية، والتي ازدهرت في عهده وحظيت بنقله توعية، في مادتها وإخراجها، ولا غرابة في نجاحها وتألقها في تلك الفترة، فقامته الأدبية وأفق اطلاعه، كان لهما دورها البارز في ذلك.. إضافة إلى تواضعه الجم، وحسن تعامله، مع من يعرف ومن لا يعرف، وتشجيعه ودعمه وتوجيهه لأصحاب المواهب الأدبية الواعدة من الجيل الجديد كل ذلك كان الداعم الأساسي في نمو المجلة وتقدمها وريادتها بالنسبة لما يماثلها من المجلات الأخرى.
ومن المزايا التي ينفرد بها على غيره في عمله أنه كان وفياً مع أصدقائه وزملائه وخاصة أرباب القلم، ومنهم كاتب هذه السطور فقد حظي بجميل وفائه واستكتابه في المجلة كغيره من الكتاب والأدباء والقراء (في زمن قل فيه الأوفياء).
هكذا كان خلقه مع كتابه وقرائه وحسن تعامله معهم، ومشاركتهم الرأي والنصح وهي عادة الفضلاء من أصحاب العلم والمعرفة.
ولحمد القاضي سيرة عطرة، فقد أسهم في ميدان الكتابة والثقافة الاجتماعية والإنسانية بالصحف والمجلات وإلقاء العديد من المحاضرات في الشؤون الاجتماعية والثقافية والوطنية، وهو من ذوي التأهيل العالي وممن تقلب في العديد من الأعمال حصل من خلالها على العديد من الخبرات وقد شارك ومثل المملكة في العديد من الندوات والمؤتمرات والوفود الثقافية والإعلامية والاجتماعية داخل المملكة وخارجها وله العديد من المؤلفات، بين ثقافية واجتماعية وإعلامية.
ومن حسن حظي حصولي على نسخة من مؤلفه الجديد (مرافئ على ضفاف الكلمة) ويقع في (172)ص من القطع المتوسط لعام 1438هـ ويضم بين دفتيه (163) مقالة ما بين مرافئ اجتماعية، ومرافئ وطنية، ومرافئ تأملية، ومرافئ ثقافية، يتصدرها تقديم للشاعر الأديب الراحل دكتور غازي القصيبي -رحمه الله-.
والمقالات جميلة في أسلوبها وأفكارها وإنسانية في أهدافها/ واجتماعية وإصلاحية في مراميها يشعر من يقرأها وكأنه في روضة غنّاء مليئة بالثمار اليانعة، لا يمل التجوال بينها.
ويعد هذا الكتاب الثامن بالنسبة لما سبقه من مؤلفات، ومن إنسانية المؤلف أن أهدى دخل هذا الكتاب لجمعيات الأيتام في المملكة العربية السعودية، وما سبقه من كتب للجمعيات الخيرية والاجتماعية، ويعد هذا العمل من الأعمال غير المسبوقة، فجزاه الله خير الجزاء، وجعل ذلك في ميزان حسناته وزاده الله نوراً وبصيرة، ولا جف مداد قلمه، وجعله نهراً يتدفق بالخير والعطاء.
هكذا عرفت حمد القاضي، الأديب المثقف والكاتب الاجتماعي والباحث والمؤلف، وهكذا قرأته من خلال كتاباته ومؤلفاته، وستظل هذه المعرفة راسخة الجذور ساطعة الأضواء على مر الأيام والشهور والأعوام مادامت الحياة -إن شاء الله-.
وبالله التوفيق.