د. عبدالرحمن الشلاش
لا أحد يشك في أهمية المسجد كمحضن من المحاضن التربوية الهامة في أي دولة من دول العالم الإسلامي، وحتى المساجد المنتشرة في دول غير إسلامية ومخصصة للجاليات المسلمة تمارس نفس الأدوار حسب أنظمة كل دولة. لا يمكن للإمام أو الخطيب تجاوزها وإلا وجد نفسة تحت طائلة القانون الصارم في دول لا تعترف إلا بسيادة النظام والقوانين.
وتتزايد أهمية المسجد عندما يكون من الجوامع التي تقام فيها صلاة الجمعة حيث يتقاطر إليها مئات وربما آلاف المصلين كل جمعة للاستماع للخطبة ثم أداء الصلاة وذكر الله والصلاة على رسوله والسلام وإلقاء التحية، حيث تكون مناسبة عظيمة للاجتماع والتواصل والتقارب، ولم تكن صلاة الجمعة لغير هذه الأهداف العظيمة قبل أن يحولها أصحاب الفكر الأعور لميدان لتصفية الحسابات مع المخالفين وتخطئة الحكومات وتوجيه الشباب لاعتناق الأفكار الضالة.
وتتحقق تلك الأهداف العظيمة التي يحث عليها الدين الإسلامي متى ما وجد الخطيب الذي يملك الوعي الكافي والمرونة لمواجهة التباينات والاختلافات كافة بين شرائح المصلين وتلبية احتياجاتهم باعتبار أنهم ليسوا نسخة كربونية واحدة فلكل واحد منهم فكره المختلف عن الآخر, ولا يجوز للخطيب أن يجبرهم على نمط معين، فله أن يركز على الثوابت، و يترك لهم التفاصيل وسلوك الطرق المختلفة التي ستؤدي بهم حتماً إلى أداء ما أوجب الله عليهم.
أيضاً الخطيب الذي يضع نصب عينيه المصالح العامة ومشكلات الناس ويحاول أن يطرح الحلول لمشكلات حياتية أو معيشية أو أسرية أو مجتمعية، ويعزز للمبادئ والقيم الدينية والوطنية، والحث على تقوية اللحمة بين أطياف وشرائح المجتمع.
خلال السنوات الماضية دأب بعض الخطباء على تجاوز كل الأنظمة واستخدام المنابر لتصفية الحسابات والقدح في بعض الأجهزة والدعاء على المخالفين بضراوة ونشر الكراهية والتحريض وتضمين ما بين السطور رسائل تزين أفعال الجماعات الإرهابية، ناهيك عن عدم تفاعلهم مع الوطن والجنود المرابطين على الحدود، وإهمال تعاميم وتعليمات الوزارة وعدم تنفيذها!
اليوم نحن أمام أمل جديد بإصلاح المنابر، خاصة أن معالي وزير الشئون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ قد صرح بأن الوزارة ما أنشئت إلا للدعوة إلى الله، وأن الوزارة حالياً تسعى لإصلاح ما أفسده هؤلاء، وأن دور الوزارة هو أيضاً المحافظة على المنابر ولن يمتطيها إلا من هو أهل لها، ولعل الوزارة تسرع وتيرة الإصلاح وتبعد فورا كل مخالف، أو من لا يقوم بواجبه تجاه دينه ووطنه على خير وجه. ليكن الشعار «لا لكل محرض و داعٍ للفتنة».