موضي الزهراني
حدثني أحد الشباب الأيتام عن المعاناة التي عاشها أثناء ابتعاثه للخارج للدراسة عندما توقفت مكافأة ابتعاثه لفترة اضطر خلالها للعمل في مطاعم الوجبات السريعة وفي أوقات متأخرة من الليل حتى يوفر قيمة إيجار مسكنه المتواضع جداً، ووجباته الرئيسية فقط خلال اليوم الواحد والتي قد يختصرها لوجبة واحدة فقط! وبعد سنوات من معاناة تأمين مصاريفه أثناء بعثته حصل على شهادة الماجستير في التسويق وبامتياز! لكن صدمته الكبرى عندما رجع للوطن ولم يحصل على وظيفة تناسب تخصصه إلى اليوم! هذا الشاب كنموذج معلوم لديّ عانى سنوات من البحث عن عمل مناسب لتخصصه، ولسنوات بعثته ومعاناته خارج الوطن! لكنه اضطر في النهاية للعمل في إحدى شركات الطيران كمضيف وبراتب لا يوازي تخصصه نهائياً.
وبلاشك هناك نماذج كثيرة غير معلومة لدينا! فهذا الإحباط الممتد الذي يواجه كثيراً من الشباب السعوديين ما زال قضيتنا الأزلية، وذلك بسبب عدم احتواء الشباب المؤهلين والمتخصصين في مراكز وظيفية يستحقونها! ومن جانب آخر عدم احتواء الشباب محلياً والمقبلين على العمل ولديهم طاقات متجددة ويرغبون في اكتساب الخبرات العملية خلال فترة الصيف، أو خلال العام الدراسي! والشواهد كثيرة على ذلك على الرغم من رفع شعارات حملات الإيمان بسعودة المهن البسيطة، والحملات التفتيشية التي يقوم بها مفتشو وزارة العمل بشكل مستمر! إلا أن هناك شواهد يومية وواقعية مخالفة لمضمون تلك الحملات بشعاراتها المختلفة! ومنها كمثال لا الحصر: وجود الكثير من الباعة في المحلات المتخصصة والمشهورة في بيع القهوة وتحمل ماركات عالمية، ونجدها في كل بلد عامليها من نفس الموطن وليس من موطن آخر! أيضاً محلات الذهب ومحلات الزهور ومحلات العطور ما زالت متمسكة لدينا بالأجنبي دون استقطاب أو تشجيع للشباب السعوديين! وللأسف إن وجدوا تجدهم في زاوية من المحل مُهمشين لا وجود حيوي لهم في قروب المحل الأجنبي! لذلك لكي نثبت قوة وقع الكلمات الرنانة التي يتم ترديدها في كل محفل دولي ومحلي «عن تحقيق السعودة في كثير من المهن التي تحتاج فقط إلى الممارسة والتدريب» لا بد النزول للميدان نزولاً شاملاً لجميع المواقع والمناطق، لنكتشف أن السعودة ما زالت تحبو ببطء، والتحديات أمام شبابنا وفتياتنا قوية جداً في عتمة هيمنة القوى العاملة الأجنبية! ويكفينا شاهد -أيضاً- وجود شباب غير سعوديين في شركة أوبر، ويتم الاستعانة بهم في توصيل الطلبات من مواقع الإنترنت وفي توصيل المعلمات والطالبات في كثير من المحافظات والقرى! فالقضية مرتبطة بعوائق كثيرة ومن أقواها، وإضافة لما سبق «النظرة الاجتماعية الدونية للعمل الحر وبالذات الميداني»!