فيصل خالد الخديدي
نشأت فلسفة الشاعر والفيلسوف الحكيم طاغور على الحب والجمال والأمل والثقة بالإنسان؛ فعاش مؤمنًا بالجمال والحب في كل شيء محيط به حتى وصل به الأمر أن يستشعر الحب في الموت، ويقول (أبدأ رحلتي صفر اليدين، ولكن بقلب مفعم بالرجاء، فأنا على يقين أني سأحب الموت كما أحببت الحياة). الحب هو الذي يفتح آفاق واسعة أمام الجمال، ويضع الجمال في المكان الذي يليق به. أما الكراهية فإنها مشوهة، وتقض مكامن الشعور بالجمال.
وفي عالم يشح فيه الخير والجمال، ويغص بالكراهية والتنافسية بين حروب دامية وسباق مادي جاف، جعل من الإنسان ترسًا في عجلة يدور كآلة صماء، لا تؤمن إلا بالمادة على حساب الوجدانيات والمشاعر الطاهرة الصادقة، أمام ذلك كله يبقى الفن هو المهرب لكل جمال، والمستنطق له حتى من مكامن القبح، ويحيلها إلى مساحة من فرح، وينتصر له وللحب على الكراهية والتشويه والعنف، ويعيد إنتاج الحياة الكريمة على أسس الجمال النزيه.
ارتبط الفن بالجمال، والفنانون متى ما كانوا صادقين مع أنفسهم وفنهم فهم ناشرون للجمال، ودعاة حب ورقة وسلام، يبعثون النور من دواخلهم، وينشرونه من خلال ألوانهم، وفي ثنايا أعمالهم؛ ليكونوا بشرًا أسوياء، يمارسون إنسانيتهم الحقة في فنونهم وإبداعاتهم اليومية بالقوة نفسها التي يخلصون بها لأخلاقهم ولجميع تفاصيل حياتهم التي يعيشونها بحب.
إن الجمال ليس في أصباغ تنثر على سطح لوحة بلا إحساس، ولا في أشكال ترص بحرص وترتيب بلا صدق مشاعر، ولا في مستنسخات تقدم بلا روح.. الفن ينبض بالجمال، ويستنطق ويعيش بالحب، وتصل رسالته للعالم بصدق المشاعر. والفنان يسمو بالفن إذا أغدق عليه من روحه، وعاشه بحب دونما تزييف أو تزيين.. ويستطيع أن يصنع الواقع الفظ جملاً من جمال، تصاغ بالحب، وتشع بالعاطفة والمشاعر. إن الحب محرك رئيس وفاعل للجمال، والبشر بطبيعتهم محبون للجمال، ويبحثون عنه وعن الحب في كل ما هو حولهم من موجودات طبيعية أو صناعية، وفي البشر وفي كل الأشياء وأبسطها؛ وهو ما يتوجب على الفنانين أن يكونوا أكثر أناقة في التعامل مع الجمال، وأكثر صدقًا في تعاطيهم مع الحب.