زكية إبراهيم الحجي
الإبداع تخيُّر جمالي وتحسسٌ لما خفي من الجمال.. إنه رافد التميز والطموح رافده.. فلا تميز بدون إبداع ولا يستمر الإبداع بلا طموح وما الفشل إلا هزيمة مؤقتة لخلق فرص النجاح وأما الهروب من الفشل فهو سبيل من اعتاد السهول ولم يتوغل في الأحراش حيث الاكتشاف الكثيف.. ولم يصعد القمم حيث الهواء النقي.
الإبداع مسؤولية وأبسط تعريف له.. هو مزيج من الخيال العلمي المرن لتطوير أفكار قديمة أو إيجاد أفكار جديدة وغير متداولة وينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف ويمكن تطبيقه.. ولأن الطفل هو كنز المجتمع فإن تنمية قدراته ومهاراته المبدعة تصبح هي الهدف الأسمى.. ولأن ضخامة الخسائر في الثروة البشرية تتمثل في أطفال نابغين لم يجدوا التشجيع والدعم لإظهار إبداعاتهم فإن القوة الدافعة نحو التقدم ستبدو بطيئة.. لذا فإن الاهتمام بالأطفال المبدعين هو مسار ثمين في تقدم أي مجتمع.. والمجتمع الذي لا يستطيع تحديد قدرات ومهارات الإبداع لدى أبنائه ويرعاها دعماً وتشجيعاً لن يجد نفسه مواكباً لركب الحضارة.
يختلف التفكير الإبداعي في مرحلة الطفولة المبكرة خاصة عنه في المراحل العمرية الأخرى.. وسمات الإبداع قد تبدو لديه بدرجة ما في سنواته المبكرة.. من خلال اللعب بالأشياء المتواجدة حوله ومحاولة الاستكشاف عن طريق تكسير ألعابه.. والأسئلة التي تدور حول كيف ولماذا.. وما ذلك إلا سمات تشير بأن الطفل يملك مقومات التفكير الإبداعي ولديه الاستعداد الإبداعي إذا أحسنا رعاية وتنمية ملكة الإبداع التي تميزه.. فإذا كنا نرى بأن سنوات الطفولة المبكرة تمثل السنوات الذهبية لتنمية التفكير الإبداعي فيكفي الطفل تأليف الأفكار وصياغة عبارات حتى ولو بدت غير مترابطة كعمل لوحة أو كتابة قصة فإن ذلك الأمر بحد ذاته مثير ويستدعي الإشادة والتشجيع والاستمرار.
إن عملية التعرف على إبداعات الأطفال في أي مجتمع ومن قبل الوالدين والمدرسة والوسط البيئي الذي يعيشون فيه يلعب دوراً مهماً في صقل مواهبهم.. وتنمية قدراتهم الإبداعية على النحو الذي يجعلها نقطة انطلاق لبناء الشخصية القادرة على الإبداع في مختلف المجالات وبصور متطورة.
ونحن في المملكة العربية السعودية وامتداداً لرؤية القيادة الرشيدة 2030 ضمن مسيرة النماء والتنمية يكفينا فخراً واعتزازاً أن الرؤية لم تغفل مواهب هذه الفئة العمرية.. ولعل منصة مسك الخيرية كرست بعضاً من أهدافها لرعاية وتنمية المهارات والقدرات الإبداعية للأطفال الذين يملكون الحس الإبداعي ويحتاجون إلى قوة دافعة تُطلِق هذا الحس على أرض الواقع.
السؤال الجدير بالطرح.. هل نملك في مدارسنا وفي جميع مناطق الوطن منصات لاكتشاف مواهب الطلاب المبدعين وما أكثرهم وبالتالي تطويرها والعمل على تنميتها وفق طرق علمية وتوفير الشروط المساعدة على جعل الإبداع يرقى فكرياً بأصحابه من جهة وبالمجتمع من جهة أخرى؟ ربما يكون إدراكنا لذلك ما زال غائباً.