ميسون أبو بكر
يا طير ماذا الصياح ذكرتني بالحبايب
وسهرتني للصباح.. كإني لك خل غايب
صلوا إذا الفجر لاح.. على النبي يا حبايب
بقيت هذه الكلمات التي غردت بها ابتسام لطفي منذ عقود تذكر بزمن جميل كانت الكلمة فيه هي أصل الأغنية التي رددتها أجيال، نبدأ بها صباحاتنا ونشنف أسماعنا، بل ونشحن قلوبنا بين فينة وأخرى بالمشاعر التي تنبعث مع عطر هذه الكلمات ووقعها.
(سألوني الناس عنك سألوني)
(نسم علينا الهوا من مفرق الوادي)
(بكتب اسمك يا حبيبي ع الحور العتيق)
(شايف البحر شو كبير.. كبر البحر بحبك)
بعض الأغنيات منحت بلادها هوية حضور في العالم، وأخذت سامعيها لصباحات تلك البلاد وحقولها وسهولها و(ضيعها) ومواسم البذار والحصاد والليالي الملاح، من منا لم تمزج قهوة صباحاته بهمسات فيروز تصحبها مواسم العصافير وغابات بيروت والبحر الكبير والسماء البعيدة.
القصائد التي رددتها فيروز حملتنا إلى تفاصيل البيئة الجبلية وأشجار الجوز واللوز التي تزهر بياضاً على أكتاف جبال لبنان، أمواج صوتها أبحرت بنا لأبعد من قصيدة وصوت اسم يتردد صداه أينما حضر.
ذهب طلال مداح إلى رحمة ربه وبقي ما ترك يذكر به وبزمن الكلمة العذبة وهيبة القصيدة وثقافة المعنى واللحن.. كلما سمعت صوته صادحاً بالكلمات يتراءى مداح كموج البحر حانياً حيناً، هادراً أحايين كثيرة يثير الشجون ويحرك الأعماق.
حبيبي.. يا حبيبي كتبت اسمك على صوتي
كتبته في جدار الوقت
على لون السما الهادي
على الوادي
على صوتي وميلادي
هؤلاء صنعوا ميلاداً جديداً للكلمات.. ومنحتهم الكلمة العذبة والقصيدة تأشيرة دخول إلى كل القلوب والحدود التي يصعب وصولها في لحظات بين كلمة ونغم.
زرقة المتوسط على مرأى من البصر أيقظ أشجاني، فاستفاق كل من مروا به يوماً، وخرجت رسائل العشاق كزبدة يتقاذفها الموج، لوحتُ للمراكب المضيئة من بعيد، للراحلين على هدير البحر.. وأسدلت أذني لصوت محمد عبده عابراً للحدود..
صوتك يناديني.. يناديني
تذكّر.. تذكر
تذكر الحلم الصغير
جدار من طين وحصير
وقمر اور الليل الضرير
عند الغدير
لا هبت النسمة تكسّر