د.محمد بن عبدالرحمن البشر
وزير الخارجية الأمريكي، ورئيس الاستخبارات السابق معالي السيد بومبيو، ألقى خطاباً في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وهي أغنى الولايات وأكثرها أصواتاً انتخابية، وبها السلكون فالي، منبع التقنيات، إضافة إلى عدد من الجامعات والكليات المشهورة، وقد أنجبت عدداً من رؤساء الحكومة الفدرالية منهم الرئيس ريجان الذي يرى فيه الرئيس ترامب الكثير من المزايا، ولا أعتقد أن أحداً زار كاليفورنيا دون مروره بهوليوود محطة الممثلين ومنتجي الأفلام، وغير ذلك كثير.
يوجد في كاليفورنيا نحو مائتين وخمسين ألف أمريكي من أصل إيراني جلهم قدم إلى هناك، أو قدم آباؤهم بعد قيام الثورة الخمينية، حيث لم يطيقوا صبراً بما حلّ ببلدهم، فتقطعت بهم السبل، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فكانت كاليفورنيا واحدة من تلك المحطات العديدة المنتشرة في العالم أجمع، وهؤلاء الأمريكيون من أصول إيرانية يعملون في مجالات شتى من أهمها العقار، ولهم باع طويل في ذلك، كما أنهم يعملون في أنماط التجارة المختلفة.
تحدث الوزير عن إيران بكل وضوح، وطلب من العالم ودول المنطقة المساعدة في تحجيم دور إيران، وردعها عن التمادي في تدخلاتها المستمرة في المنطقة، وبيّن أنها تثير القلاقل والمشكلات في المنطقة، وأنها دفعت الكثير من الأموال لأعوانها بدلاً من صرفها على أبناء شعبها المحتاجين فعلاً إلى الكثير من التنمية والخدمات، وتوفير لقمة العيش اليومية، وذكر أن إيران لا تريد سلاماً مع جيرانها، ولا تعمل على ذلك ولهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تخشى أن تكون القيادة الإيرانية من ضمن أهدافها.
لقد ذكر وزير الخارجية الأمريكية أنه سيعمل مع دول المنطقة والمستوردين في أنحاء العالم أن يكون الاستيراد من النفط الإيراني يقرب من الصفر بحلول الرابع من شهر نوفمبر، وهو يأمل بل يرجح أن يتحقق ذلك.
يعلم الإيرانيون أن ميزانيتهم تعتمد في تسعين في المائة منها على دخل النفط، وأنها لا تستطيع العيش من دونه، وأن ما سوف ما تقوم به من محاولات للتخلص من المقاطعة المرتفعة بطرق غير نظامية لن يكون كافياً لسد حاجتها من العملة الصعبة مهما كان الأمر، وأن الشعب الإيراني المغلوب على أمره سوف يكون الحامل لذلك العبء الناتج من سياسات خاطئة مستمرة، لم يتعلم النظام الإيراني طيلة أربعة قرون من تلك الأخطاء ونتائجها السيئة الواضحة للعيان، ولم يثنهم بؤس الشعب الإيراني عن الاستمرار في دعم معاول الهدم المنتشرة في كل مكان من العالم، وكذلك الصرف غير المحدود على النظام ذاته، والتسليح الذي لا طائل منه، ظناً أن ذلك سوف يكون أداة لحماية النظام وزيادة في هيمنة على المنطقة، وهو في ذلك يخطئ خطأ كبيراً، فدول المنطقة لديها من الإمكانات ما يفوق ما لدى إيران، ولديها تحالفات دولية، ساعدت الحق الذي تتبناه دول المنطقة بقيادة المملكة العربية السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين -حفظهما الله ورعاهما-.
مسؤولو النظام الإيراني ردوا على قول الوزير الأمريكي، رداً دأبنا على سماعه منهم، فهم يقولون إن لديهم من القدرات ما يجعل غيرهم يقف عاجزاً عن استهدافهم، وأنهم لن يحرموا من تصدير النفط وحدهم، وأنهم يشرفون على الضفة الأخرى من الخليج العربي، وأن لديهم أوراقاً تفوق ذلك، وهم يعلمون أن العالم أجمع يعلم محدودية قدراتهم، وكفاءتهم، وأن هناك توازناً عالمياً يؤجل أي عمل ما مع القدرة على التنفيذ في أي وقت، وإلاّ فإن تهويلهم لن يمنع شيئاً.
قال كبيرهم إن مهاجمة إيران لن تكون أمراً سهلاً، وأن كبرى المعارك ستجعل غيرهم يفكر ملياً، وهذه أكذوبة طالما رددوها، وقد قال الرئيس الأمريكي إن على إيران إيقاف تهديداتها، وإلاّ فإنها سوف تواجه مصيراً قل نظيره عبر التاريخ.
إيران سيضمحل تأثيرها في السنوات المقبلة لا محالة، أو ربما يغير الشعب النظام وتعود إيران إلى وضعها الطبيعي.