د. أحمد الفراج
يواصل خصوم ترمب معاركهم معه، ولا زال لديهم أمل وحيد، وهو أن يتمكن المحقق الخاص، روبرت مولر، من إدانته، وبالتالي إتاحة الفرصة لعزله، وما تصعيد الإعلام الأمريكي بعد قمة هلسنكي، إلا امتداد للحرب الشعواء على ترمب، وهي حرب لم يشهدها التاريخ الأمريكي، حتى في زمن نيكسون وقضية ووترقيت، ولم يصمت ترمب أو يستسلم، فقد تساءل في حسابه على تويتر وقال: «إذا كنتم تتهمونني بقضية تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، فأين كان الرئيس أوباما، الذي حدث التدخل في عهده، وماذا فعل تجاه ذلك، ولماذا لم يبلغ حملتي الانتخابية عما يحدث؟!»، وهذه أسئلة لم يتطرق لها الإعلام أصلا، ولم يجب عليها، عندما عرضها ترمب، ولذا أجاب ترمب قائلا: «لقد تجاهل أوباما تدخل روسيا في الانتخابات، لأنه كان يعتقد أن هيلاري كلينتون ستفوز»!.
ترمب يلمح هنا بذكاء، إلى أن باراك أوباما صمت تجاه التدخل الروسي في انتخابات أمريكا، لأنه كان يعتقد أن هذا التدخل سيخدم هيلاري كلينتون!، ولكن عندما تمت هزيمتها، قلبوا الطاولة على ترمب، وحاولوا، ولا يزالون يحاولون ربطه بهذا التدخل، ولم يكتفِ ترمب بذلك، فقد عرض فيديو لهيلاري كلينتون، وهي تتحدث عن أهمية ربط علاقات متينة مع روسيا، وأن ذلك سيساهم في حل القضايا العالقة حول العالم، وهو ذات ما يفعله ترمب حاليًا، ومرة أخرى، يقول ترمب إن المشكلة ليست في إستراتيجيته مع روسيا، بل في من ينفذ هذه الإستراتيجية، ما يعني أنه لو فازت هيلاري، واستخدمت ذات الإستراتيجية مع روسيا، فستتم الإشادة بها، ثم يواصل ترمب حديثه عن قمة هلسينكي، وأنها تطرقت لقضايا غاية في الأهمية، ولكن الإعلام تجاهلها تماما، وانتقى قضية واحدة، لأن فيها مجالا لنقده!.
كان الإعلام الأمريكي، بعد قمة هلسينكي، يأمل في أن يؤثر على قاعدة ترمب الشعبية الصلبة، لأن التقارب مع روسيا خط أحمر، في مخيلة الناخب الأمريكي، ثم اتضح لهذا الإعلام المنحاز، أن من صوتوا لترمب، لا يكترثون بقمة هلسينكي برمتها، وفشل الإعلام في التقاط انتقادات من جمهور ترمب، وقد بذلت قنوات سي ان ان، وام اس ان بي سي، جهودا جبارة، والتقت بشرائح من جمهور ترمب، وكان جوابهم موحدا، وداعما لترمب، ويبدو أن هذا الجمهور يصدّق ترمب، الذي يكرر دوما أن الإعلام كاذب ومنحاز، ويبدو الأمر كما لو أن قاعدة ترمب الشعبية تعاند الإعلام، فكلما زادت شراسة الهجوم عليه، كلما زاد تمسكهم به، أي أن هجوم الإعلام أصبح دليلا على صدق ترمب ونجاحه، والخلاصة، هي أن إعلام أمريكا سيجد مادة دسمة كل يوم، يهاجم من خلالها ترمب، وترمب يعي ذلك، ويستمتع بتعرية هذا الإعلام، مسنودًا بجماهيرية طاغية!