نوف بنت عبدالله الحسين
من رحمة الله علينا أننا لا نحاسب نوايا الآخرين...وكل ما يهمنا هو التعامل معهم.. فإن أحسن أحسنّا... وإن أسأنا اعتذرنا...وإن أساء عذرنا...وإن اضطر الأمر لأخذ الحقوق... توجهنا لمن ينصفنا...
ومع ذلك نصر على التحدث في نوايا الآخرين ونصنف الناس على حسب نواياهم (فلان على نياته...فلان نيته سودا...) وهكذا...ثم نحلل النوايا بشكل عجيب وكأننا مطّلعين عليها...
من الخطأ أن ندّعي معرفة النوايا...فهذا أمر لا نطوله وليس في قدراتنا المتواضعة الوصول إليه، وفي عالم التواصل الاجتماعي، بات كل منا يعرف أكثر من خلال شن الهجوم أو التبرير، وكل يغني على ليلاه ما بين متفق ومخالف، ونترجم الأفعال التي لا علاقة لنا بها بهدف إبداء الرأي، ما يجعلنا نشخصن المواقف ونسيء الحكم... فبات الحذر من كل كلمة أو فعل عفوي مطلب ضروري...
فإن ما كنت تقوله أو ترصده أو تسجله بالأمس بشكل عفوي قد ينقلب إلى أمر آخر كسلاح هجوم ضدك، وقد يستخدم التنمّر فيه بصورة مؤذية تطول كل ما كان في الماضي مزحة أو تعليق عفوي...
وبالتالي... ندخل في متاهات النوايا ونصل إلى الإساءة والتلفظ بما لا يليق...
وأحياناً نحمل الخطأ أكثر مما ينبغي.. وليس هذا من خلقنا في شيء.. بل تفسيرنا للأمور يتطلب الحكمة والتهذيب.. وأن لا نستخدم عباراتنا كالسكاكين.. وليس بالضرورة التدخل في كل شأن وكل موقف.. بل قد يشكل تجاهلك للمواقف المزعجة موقفًا حكيمًا... وقمة العقل أن تصمت حتى يمر الأمر بسلام..
لو أننا نناقش المواقف بطريقة عقلانية... بهدف الإصلاح والتغيير... لكان هذا أدعى وأنقى... ولكننا نصب الغضب القاهر والسخرية بأسلوب مزعج ومقزز بعض الأحيان... بل إن الأعراض قد تطال في الحديث عن أمر لا ينبغي الخوض فيه....
لا يوجد من هو معصوم من الخطأ... وكلنا خطاؤون... وخير الخطائين التوابون... ولندع الخلق للخالق... وكفانا الخوض في النوايا.