د. خيرية السقاف
ليس القوي من له ساعدان يرفعان الأوزان
وقدمان تشقان المجاهل لا توهنان
وكتفان يحملان الثقيل لا ينحنيان
القوي حقاً من له هذه القوة في داخله.. قوة إيجابية تبلغ به من الصدق أنقاه, ومن الأمانة أشفها, ومن السلام أطيبه, ومن العدالة أرجحها,..
إذا عمل تفانى, وصدق, وأخلص, وترفَّع عن الذات, وتجرَّد من الهوى, وجعل عينيه ثاقبتين في شاردة التمام, وواردة الإتقان..
وإذ تولى عدل حتى لا تميل كفَّة ميزانه طرفة لمحة, ولا قيد أُنْمُلةٍ,
لا يقرِّب قريباً منه, ولا يجامل صديقاً له, ولا يعنى بمن تقرب منه روحه, أو يميل إليه قلبه, أو يصله عن وسيط, في أية حالة يكون فيها غير هذا أحق منه, وأجدر بالمكان, أو المَهَمَّة..
فالشفافة قوة لا يملك زمامها إلا قوي لا تجذبه مصلحة, ولا توهنه حاجة, ولا ترخي من عزمه غاية..
إن من يُفرِغ جوفه من ذاته في مكان عمله, مسؤوليته, ولايته, إدارته, قيادته, رئاسته, بكل صفات وعناوين الأدوار فهو القوي, فالقوة أمانة, وصدق, وحزم, وجادة, ونور, وبصيرة, وإدراك, وبراءة, وطهر..
فمن ذا الذي يكون أقوى من امرئ أمين, صادق, جاد, ذي بصيرة, وإدراك, مبرأ من الهوى, طاهر بعفاف التجرّد, وشفافية الإنصاف؟!..
هذه القوة لا تزال غاية النزاهة المأمولة في جميع مواقع, وموضوعات العمل الفردي, والتفاعل المجتمعي, باختلاف مجالاته, وأدواره بين الطالب والمطلوب..
إنها غاية, أجل هذه القوة مطلب ملح قد نُصَّ بها في قرار رسمي, جاء ليوطد حزم التوجه نحو تطهير المؤسسات المجتمعية من دكن النفوس التي يوهنها الميل الذاتي عن رفع الأسوار بين القدرة التنفيذية, والتجرّد التام من غلبة هذا الوهن في تنفيذ الأدوار.
إنه لكي يتحقق لكل باحث عن عمل, أو راغب في فرصة تعَلُّمٍ, أو متطلع لأن يحوز على مكانه المناسب في كوكبة المجتهدين, والمتنافسين, والناجحين, والمنجزين, والمتفاعلين, فإنه أيضاً يُتطلع لأن يكون كل ذي مسؤولية قوياً بصفاتٍ وخصائصَ ما يُكنُّه فيما يترجمه في مجرياتها هذه المسؤولية ليأخذ كلٌّ فرصته, ويحلُّ حيث اجتهاده, وأحقيته بشفافية طهر القوة, ونقائها..
فالقوة ليست في عظام الجسم الثقال, وإنما في الصفات, والأفعال!!..