حوار - محمد العيدروس:
تحدى رئيس مجلس علماء الباكستان الشيخ طاهر الأشرفي كائناً من كان أن يحضر دليلاً حول منع المملكة لأي مسلم يرغب في أداء فريضة الحج أو العمرة لأسباب مذهبية أو سياسية، وأشار في حوار أجراه مع «الجزيرة» إلى أن قيم ومكانة المملكة العربية السعودية وقائدها الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، أسمى وأكبر من محاولات التطاول والتشويش التي تمارسها بعض الدول واستغلالها لموسم الحج كورقة سياسية.
وقال إن الملك سلمان ليس قائداً وزعيماً لبلده وشعبه فقط، وإنما هو قائد وزعيم لجميع المسلمين كافة، وهو الأقدر والأكفأ لإدارة الشأن الإسلامي وقضايا الأمة التي يوليها كل دعم ورعاية في جميع أنحاء العالم.
وحذّر رئيس علماء الباكستان في هذا الصدد نظام قطر من الانجراف نحو إيران والدول المشبوهة ودعاها للعودة إلى العرين العربي والخليجي ولصوت العقل والمنطق الذي مركزه المملكة.
العالم الباكستاني تحدث عن عدد من القضايا المهمة ووجّه عدة رسائل لحسن نصر الله ولأذناب النظام الإيراني من الحوثيين وغيرهم.. فإلى نص الحوار:
* تعلمون فضيلتكم بما يمر به العالم الإسلامي -حالياً- من تطورات وأحداث ومؤامرات.. والمملكة باعتبارها حامية حمى الحرمين تتعرض لحملات مسعورة تُوجّه نحوها.. فما رؤيتكم فيما يحدث؟
- الأمة الإسلامية تمر -حالياً- بفترة عصيبة جداً، وعلى العالم والمجتمع الدولي ككل أن يعي أن القيادة في المملكة العربية السعودية حكومة خادم الحرمين الشريفين، هي قيادة مختارة من المولى -عز وجل- وشرّفها لتكون حامية للحرمين، ولم تُختَر أو تنتخب من الناس.
ومكة المكرمة والمدينة المنورة هما قلب العالم الإسلامي، واختار الله تعالى لهما حكومة خادم الحرمين الشريفين لتتولاهما وترعاهما وهما في أيد أمينة.
ويمكن التأكيد أن قيادة العالم الإسلامي ككل هي في المملكة العربية السعودية، وقائدنا هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، الذي ينظر لأمور وقضايا العالم الإسلامي بعين المصلحة والمحبة والحرص على السلام والاستقرار.
وها هي أياديه البيضاء ترعى إخوتنا المسلمين في بورما وفي الأراضي المحتلة واليمن والصومال، ويبذل كل جهد وإمكانية لترسيخ الأمن والسلام في كل مكان.
عبث إيراني في كل مكان
وتعلمون جميعاً ما جرى وحل بالعالم الإسلامي من مشكلات وقلاقل بسبب تدخلات النظام الإيراني في شؤون الدول الإسلامية الداخلية، فهذا النظام بدأ من العراق إلى الشام وإلى الدول الإفريقية ثم إلى اليمن، وأخيراً استغلوا وضعية نظام قطر ليحاولوا الدخول عبرها، وهذه التدخلات الإيرانية، وتأسيسه لنظام المليشيات الإرهابية والتغلغل في شعوب المنطقة هدفه خلخلة استقرار المنطقة الإسلامية والعربية.
والنظام الإيراني عبر هذه الميليشيات العنصرية يبث العنصرية والتفرقة بين المجتمعات الإسلامية، ورسخ الميليشيات الإثني عشرية والصدرية والحوثية ومن ثم دعمه للأحزاب الإرهابية المتطرفة في ظل صمت الأمم المتحدة والمجتمع عن جرائم هذا النظام.
* لماذا الصمت الدولي تجاه الحوثيين؟!
وأنا هنا أعبر عن استنكاري واستغرابي في نفس الوقت لممارسات وإرهاب الميلشيات الحوثية تجاه المملكة وسكوت الأمم المتحدة والدول الكبرى ومجلس الأمن عن إطلاقها مئات الصواريخ البالستية تجاه المواقع الآهلة بالسكان وإلى المدنيين،
ولذا أنا أطالب المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والسريع وإيقاف هذا الإرهاب الحوثي الذي تدعمه وتؤيده إيران جملة وتفصيلاً.
وهنا أتساءل أيضاً.. هل سيصمت العالم لو أطلق الحوثيون صواريخهم البالستية تجاه الولايات المتحدة أو أية دولة أوروبية مثلاً؟ إذاً لماذا هذا الصمت وغض النظر؟!
إن أعداء الأمة الإسلامية -جميعاً- يعلمون جيداً أن أي هجوم أو إضرار بالمملكة العربية السعودية هو بمثابة الهجوم على الدين الإسلامي ككل وعلى قلب العالم الإسلامي.
نحن كعلماء مسلمين في كل مكان، نؤيد وبكل إمكاناتنا وقوتنا، الخطوات والتدابير التي تتخذها حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين لحماية أمنها واستقرارها والحفاظ على قوة العالم الإسلامي.
ولعلي هنا أستذكر مقولة مباركة لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، حينما قال: إن الدين الإسلامي هو دين للجميع، والمملكة هي للجميع، وتسعى للمحبة والسلام.
وبالتالي فيخطئ الحوثيون والإيرانيون وأتباعهم لو اعتقدوا أن هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية التي يقومون بها تجاه المملكة ستؤثر أو تحرك شعرة من استقرارها، وليعلموا علم اليقين أن علماء وأئمة الإسلام قاطبة يقفون خلف المملكة وحكومتها الرشيدة وخلف الحرمين الشريفين، وسيقدمون دماءهم وأرواحهم للدفاع عنها، ونحن جميعاً كأبناء للإسلام أينما كنا نثق ونعتز بقدرات أبطال الجيش السعودي وما يقوم به.
وفي نفس الاتجاه نعلن وبأعلى صوت أننا في انتظار أي صوت أو توجيه من لدن خادم الحرمين الشريفين أو ولي العهد، لنهبّ بوقفة رجل واحد للدفاع عن أراضي المملكة والمقدسات الإسلامية والحرمين الشريفين، ويثق الجميع أننا صغاراً وكباراً.. علماء أو نساءً أو طلبة مستعدون ومتأهبون لتلبية نداء الملك سلمان ونعلن أيضاً، أن أموالنا وما نملك سنضعها ضد صواريخ إرهاب الحوثي المدعوم من إيران.
التحالف الإسلامي.. مبادرة خيرة
* وكيف رأيتم قيام التحالف الإسلامي ودعم سمو ولي العهد له لمواجهة الأعمال الإرهابية وما يحاك للعالم الإسلامي من مؤامرات؟
- هذا التحالف مبارك، ويمثل مبادرة خيرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
نحن أول من أيدنا قيامه وباركناه وأعلنا دعمه بالكامل ويكفي علماء وشعب الباكستان فخراً أن رئيس التحالف من جنسيته، وهذا في رأيي عملية طبيعية، لأن علاقة المملكة بالباكستان ليست علاقة مصالح أو تلاقٍ دبلوماسي، بقدر ما هي علاقة عقيدة وإيمان وروح واحدة وإسلام مشترك وهذا هو الأهم.
فقد تكون علاقات الدول مرتبطة بالمال أو الصداقة أو المصالح ولكن علاقتنا بالمملكة إيمانية وأساسها «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
ومن قال «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فهو جندٌ لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
إنني أقول بكل فخر ومسؤولية إن المسلمين في أصقاع العالم ينظرون إلى أمن المملكة واستقرارها كخط أحمر غير قابل للنقاش.
رسالتي إلى حسن نصر الله
وليعلم الحوثيون وأسيادهم في إيران وبقية العابثين؛ سواء حزب الله أو الإخوان أو غيرهم، الذين يتعقدون أنهم يمسّون أمن المملكة، فإن العالم الإسلامي جميعاً لن يتركهم وسيدافع الجميع.
كما أنني أوجه رسالة صريحة ومباشرة إلى المدعو حسن نصر الله وحزبه وأقول: أنت لا تملك قرار مغادرتك لغرفتك ولا تملك أن تتحرك قيد شبر.. فكيف لك أن تنبح وتسيء إلى المملكة وإلى الإسلام.
وأقول له.. إنه -بإذن الله تعالى- لن تقوم قائمة لولاية الفقيه ولن ينتصروا في العالم الإسلامي ونحن لهم بالمرصاد.
* تتعرض المملكة -فضيلتكم- مع اقتراب موسم الحج في كل عام لمحاولات تشويه وتشكيك في قدراتها وإمكاناتها.. بل إن البعض يقوم بتسييس الحج.. فماذا تقولون؟
- سأكون صريحاً للغاية وسأتحدث عن النظام القطري الذي يتخبط من دون عقل أو فكر، يدعي زوراً وبهتاناً أن المملكة منعت الحجاج من القدوم.
وأقول.. يا سادة، المملكة لم تمنع حجاج إيران من القدوم إليها رغم كل ما ارتكبوه من تاريخ أسود في المشاعر المقدسة من تفجير وإرهاب، فكيف لها أن تمنع حجاج أشقاء من دولة خليجية مجاورة لها.
أنا هنا أدعو النظام القطري إلى عدم تسييس شؤون الحج والعمرة وألا يمنعوا شعبهم من أداء الفريضة حتى لا يكونوا من الظالمين، ألم يقل الله تعالى في كتابه العزيز: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (114) سورة البقرة.
في العام الماضي قدّم حجاج قطريون لأداء الفريضة، وبادر خادم الحرمين الشريفين فوراً لاستضافتهم وأعلن أنهم في ضيافته.
(يا سيدي) المملكة لم تمنع الغرباء والأجانب وجميع أصحاب المعتقدات والمذاهب وحتى ممن يعارضونها من أن يأتوا للحج، بل إنها رحبت بهم، فكيف يمكن للعقل البشري أن يصدق أن تمنع المملكة أبناء شعب قطر العربي المسلم الجار.
وأقول لحكومة نظام قطر.. ارجعي إلى عرينك العربي وإخوتك الخليجيين.. فإنكم عرب ومسلمون ولا ترتمي في أحضان الفرس وغيرهم.
وليعلم العالم أجمع أن خدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام هي ميزة اختص بها المولى -عز وجل- حكومة خادم الحرمين الشريفين ومكنهم وشرفهم للقيام بها.
أحزن كثيراً لممارسات حكام قطر
إنني أحزن كثيراً على ما يقوم به نظام قطر وتسييسه للحج، وعلى حكام قطر الوعي والإدراك أن مركز الأمة الإسلامية وقلبها هي المملكة العربية السعودية، ويشهد لها التاريخ الإسلامي بذلك، ويشهد لها البعيد قبل القريب أنها لم تمنع كائناً من كان من القدوم إلى المملكة وأداء الحج والعمرة، مهما كانت عقيدته أو مذهبه.
وأتحدى كائناً من كان أن يحضر دليلاً واحداً يؤكد أن المملكة العربية السعودية منعت أحداً من أداء الحج والعمرة لسبب سياسي أو توجه ديني.
* * *
من هو طاهر الأشرفي؟
* هو رجل دين باكستاني وشخصية سياسية وإعلامية معروفة على مستوى باكستان والعالم، فضلاً عن حضوره على معظم القنوات الباكستانية يدافع من خلالها عن موقف أهل السنة والجماعة وصيانة الأمن والاستقرار الإقليمي والحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية.
* وهو من الشخصيات التي توجه انتقادات جريئة لإيران وحزب الله والمليشيات الحوثية وتنظيم داعش الإرهابي.
الشيخ طاهر محمود الأشرفي يشغل المناصب التالية:
* رئيس مجلس علماء باكستان، وهو مجلس يحوي أكثر من مائة ألف عضو من العلماء ورجال الدين.
* رئيس وفاق المساجد، وهي أكبر جمعية لمساجد أهل السُنة في باكستان تضم أكثر من 76400 مسجد.
* المشرف على حركة الدفاع عن المدارس الدينية، تضم 13600 مدرسة في عموم باكستان.
* رئيس لجنة المصالحة الوطنية التي تضم شخصيات من مختلف المذاهب والتوجهات والفعاليات في باكستان.
* رئيس تحرير مجلة «الحرية الدولية» الشهرية.
* عضو مجلس الفكر الإسلامي الحكومي.
* رئيس المجلس الدولي للانسجام بين الأديان، مقره في ألمانيا.
* رئيس مجلس طلبة باكستان.
* شغل في السابق منصب وزير الداخلية بحكومة إقليم البنجاب.
* المستشار السابق لرئيس جمهورية باكستان للشئون الأفغانية.
* يكتب مقالات في عدد من الصحف الباكستانية (جنك، ديلي تايمز، ايكسبريس تريبون).
* محلل سياسي وخبير في الشئون العربية والإسلامية.
* له حضور مستمر على التلفزيون الحكومي الباكستاني، وقناة ايكسبريس، وقناة بيزنيس بلس، وقناة سماء.