فهد الحوشاني
تغلغل إيراني واضح في غزة استغل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع بسبب الحصار الإسرائيلي، ومحاولات قادة حماس الارتماء بالحضن الإيراني ليست بجديدة العهد، ولكنها توثّقت بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وتصريحات قادة حماس بإعلانهم ذلك التقارب أمر مثير للاستغراب والحزن! فهم حتى يرفضون إدانة حزب الله على الرغم من جرائمه بحق السوريين أو اعتبار الحزب منظمة إرهابية كل ذلك من أجل عيون الفرس! ولن تكون غزة ولا غيرها بعيداً عن أهداف شرر النار الإيرانية والتي يُراد لها أن تأكل أخضر الدول العربية ويابسها! وإذا لم يوقف الغزو الإيراني لغزة، فإن ذلك سينتج عنه تحويل حماس من منظمة مقاومة كما هو معلن، إلى مليشيا لا تختلف عن مليشيا حزب الله، وبعد أن تنشأ الدولة الفلسطينية ستكون حماس بعد أن يحول الإيرانيون عقيدتها! ستكون نسخة فلسطينية من حزب الله اللبناني، لتكون شوكة أخرى في ظهر الوطن الفلسطيني المليء بالأشواك! وما يلفت النظر أن هذا التقارب ليس فقط بين السياسيين، بل إن هناك جيلاً من الأطفال الفلسطينيين يتم (برمجته) ليكون إيراني الهوى والميول وربما العقيدة! وفي اليوتيوب مقطع لأطفال فلسطينيين من قطاع غزة وهم يرددون (نحبك يا حاج قاسم) وببراءة الأطفال يرسلون رسائل الحب من أطفال فلسطين لملالي إيران! مرددين أن فلسطين تفتخر بك يا حاج قاسم، والمقصود طبعاً (قاسم سليماني)! قاتل العرب ومدمر ديارهم والمتسبّب في تهجير الملايين ومشعل فتن التطرف الديني في المنطقة، وهو الإرهابي الملطخ الأيادي بدماء العرب في أكثر من بلد عربي، ولا أدري لماذا قياديي حماس تنكروا لعروبتهم ودينهم ورموا أطفالهم في حضن قاتل العرب! يعلمونهم محبة إيران بدل أن يزرعوا فيهم محبة وطنهم العربي؟! مهما كان هناك من اختلاف في وجهات النظر فيمكن حلها بالحوار وليس القطيعة والتنكر لوشائج القربى! ثم لا أدري متى حج هذا ( القاسم) المشترك لكل مصائب العرب في سوريا والعراق ولبنان واليمن! هل كانت حجته غير المقبولة إن شاء الله تعالى عام 1407هـ - 1987م عندما اعتدى حرسه الجمهوري بأسلحتهم البيضاء على الحجاج بالقرب من الحرم ولولا هبة أهل مكة ورجال الأمن لقتل الكثير من الحجاج!! أم المقصود هو انه يحج لغير مكة كما تحاول إيران أن تروج لمدنها (المقدسة) مزايدة على مكة وشعائر الإسلام الثابتة! جريمة غسل أدمغة أولئك الأطفال الأبرياء من أطفال فلسلطين هي نتيجة التقاب الغريب للسلطة في غزة مع الفرس الذين يخططون ويحلمون لتوسيع رقعة إمبراطوريتهم باحتلال دول عربية، وهي بلا شك وصمة عار لن تنمحي من سجل السلطة! ومهما كانت المبررات فتلك خيانة للقضية الفلسطينية وبيعها لدولة اثبتت عداوتها للعرب، دولة مهوسة بتصدير شرها وثورتها، ولا يحتاج كل عربي غيور على دينه وأمته أن يعرف أن الإيرانيين لا يريدون للعرب خيراً. وليس ببعيد عن السلطة في غزة ما تفعله إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان، ومهما كان الثمن الذي يدفع لهم فهو ثمن بخس! ولا يجب أن يحول بينهم وبين الانحياز للدم العربي ولنصرة قضايا العرب في اليمن وسوريا وغيرها، ولا منح إيران الفرصة لتتاجر بالقضية الفلسطينية كما فعلت سنوات طوال بفيلق القدس الذي لم يتوجه للقدس، ولكنه في الحقيقة توجه للفتك بالشعب العراقي والسوري قتلاً وتهجيرا!
قيادات السلطة في غزة يعرفون أن هذه السياسات خاطئة، وتساهم في صناعة شرخ بينهم وبين العرب الذين كانوا الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية منذ اليوم الأول. وكان من نتائج ذلك التقارب هي تلك الشعارات المسيئة والتي رفعت ضد المملكة بشكل يدعو للاشمئزاز، وفيه من النكران والجحود ما لا تقرّه الأعراف، بل ولا الشيم العربية .
حدث ذلك على الرغم من أن السلطة في غزة تعلم جيداً أن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى منذ عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله-، ويعرفون أن ملايين الفلسطينيين الذين عاشوا ويعيشون على أرض المملكة هم محل ترحيب وتقدير.
ومسؤولو حماس لم يسألوا أنفسهم كم عدد الفلسطينيين في المملكة؟ وكم هو عددهم في إيران؟ ومن الدولة التي بذلت الكثير مادياً وسياسياً لنصرة القضية الفلسطينية؟ المسؤولون في حماس تاهت بوصلتهم فاتجهوا شرقاً يطلبون الدفء من النار الفارسية والتي يحرق فيها الفرس كل أرض يطأونها!
لذلك أتمنى من الدول العربية ومن الجامعة العربية أن تقف موقفاً حازماً من تعامل حماس مع إيران والوقوف أمام محاولات الملالي اختطاف غزة من العرب بتواطؤ من أشخاص أعماهم بريق السلطة فراحوا من أجل الحفاظ على الكرسي يقدمون غزة لإيران، وكل فلسطيني شريف يعرف أنه لا فرق بين احتلال إسرائيلي أو احتلال إيراني، وقد قدمت إيران ومليشياتها نماذج من الإرهاب والجرائم بحق العرب لا يمكن أن يتجاوزها كل ذي عقل وقلب سليمين، أو أن ذلك بالنسبة لسلطة غزة لا يهم، ما دامت إيران ستدفع لهم في مقابل تسهيل مهمتها في التغلغل في المؤسسات والنسيج الفلسطيني وترويج شعاراتها الكاذبة والعبث بهوية الأجيال الفلسطينية القادمة!