يوسف المحيميد
ليس هناك أكثر أهمية في حياة الإنسان من الغذاء والدواء، وهما ما تعمل لأجلهما الهيئة العامة للغذاء والدواء، لكن دورها يتمثل في التحذير من هذا الغذاء، ومن ذاك الدواء، وهذا دور مهم للغاية، لكن الأكثر خطورة هو الجوانب القانونية تجاه هذين الأمرين، وبالذات الدواء، فكما نردد أو ربما نشاهد أحيانًا مندوبي شركات الأدوية يجولون في ردهات المستشفيات، وهم يسوِّقون أدويتهم، ويمنحون العطايا للممارسين الصحيين مقابل صرف هذه الأدوية. ولعل دراسة علمية في الولايات المتحدة أجريت على أكثر من ثلاثة آلاف طبيب أوضحت بأن 94 بالمئة منهم لهم علاقة بشركات الأدوية، و83 بالمئة تم توفير غداء مجاني لهم في مكان العمل، و78 بالمئة حصل على العينات المجانية للأدوية، و35 بالمئة منهم تغطى تكاليف سفرهم لحضور مؤتمرات، و28 يدفع لهم أموال مقابل إعطاء محاضرات، واستشارات، وأبحاث طبية.
ولعل هيئة الغذاء والدواء أحسنت صنعًا بأن أصدرت تعميمًا رسميًا بإطلاق مشروع الشفافية والإفصاح عن التعاملات المالية بين شركات الأدوية والممارسين الصحيين، بحيث يلزم الإفصاح عن التعاملات المالية والمادية بين الطرفين عبر البوابة الصحية ابتداء من مطلع أكتوبر القادم.
مثل هذه الإجراءات النظامية والقانونية تجعل الطبيب والمعالج يقف في حياد تجاه شركات الأدوية، ويلتزم بمكونات الدواء فقط، فلا يعمل على (تنفيع) شركة دواء معينة تدفع له بطريقة غير مباشرة، أو صيدلية المستشفى الذي يعمل به، فيعاني المريض أحيانًا من مبالغ طائلة لأدوية توجد منها بدائل أفضل وأوفر سعرًا.
وأعتقد لو كان هناك من يماثل في جريمته من يخون وطنه، فهو من يخون إنسانًا ويعبث في صحته، ويتاجر في جسده، ويخون أشرف قسم مهنة يمكن أن يؤديه إنسان على هذه الأرض.