القاهرة - واس:
عبَّر معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن رفض المملكة العربية السعودية واستنكارها لإقرار الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا القانون المسمى «الدولة القومية للشعب اليهودي»، مشيرًا إلى أن المملكة تؤكد أن هذا القانون يتعارض مع أحكام القانون الدولي، ومبادئ الشرعية الدولية، والمبادئ السامية لحقوق الإنسان، ومن شأنه تعطيل الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني والإسرائيلي. وعلى المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته، والتصدي لهذا القانون أو أي محاولات إسرائيلية تهدف إلى تكريس التمييز العنصري ضد الشعب الفلسطيني، ومحاولة طمس هويته الوطنية، والمساس بحقوقه المشروعة.
وقال معاليه في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي في دورته الثامنة والعشرين الاستثنائية المنعقد حاليًا بمقر مجلس النواب بجمهورية مصر العربية: إن سبب عقد الاجتماع الطارئ ما شهده العالم مؤخرًا من اعتداءات وقتل في قطاع غزة من قِبل الكيان الإسرائيلي، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها إليها. مؤكدًا أن عقد المؤتمر يعكس الاستشعار المسؤول لخطورة الموقف وأهميته؛ لما تحمله القضية الفلسطينية في وجدان الجميع من مضامين دينية وسياسية وحضارية واجتماعية، تجعل من الأهمية بمكان تشكيل موقف عربي موحد، وحشد للمواقف الدولية للتصدي للانتهاكات التي تتعرض لها بجوانبها كافة. وأشار إلى أن الشعوب العربية والإسلامية والشعوب المحبة للسلام متمسكة بالأمل بأن يترجَم التضامن مع الشعب الفلسطيني إلى واقع ملموس، يعيشه الفلسطينيون بعامة، والمقدسيون بخاصة، أمنًا وحرية وسلامًا، يحقق بذلك قرارات المجتمع الدولي التي لا تزال -مع الأسف الشديد- مستباحة من قِبل قوى الاحتلال دون أدنى خوف من رادع أو عقوبة.
وقدم معالي رئيس مجلس الشورى في هذا الصدد التحية للشعب الفلسطيني الشجاع الذي يناضل ببسالة متمسكًا بأرضه وبحقه في العيش الكريم مدافعًا عن أولى القبلتين ومسرى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بكل ما أُتيح له من وسائل مشروعة. مشيرًا في هذا الصدد إلى أن المملكة العربية السعودية تجدد التشديد على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية، وعلى الهوية العربية للقدس الشريف، وعلى حق دولة فلسطين في السيادة على الأراضي الفلسطينية كافة المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشريف، وعلى حتمية انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، بما فيها الجولان العربي السوري المحتل، والتمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وعلى حل الصراع العربي - الإسرائيلي وفق مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002؛ لتكون مشروعًا عربيًّا موحدًا، يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة.
وأضاف الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ قائلاً: لقد وقفت المملكة العربية السعودية مع القضية الفلسطينية في جميع مراحلها وأطوارها، وشغلت هذه القضية القائد المؤسس المغفور له -بإذن الله- جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، واستحوذت على اهتمامه منذ البدايات الأولى لتفاقم الأوضاع في فلسطين. وقد ظلت هذه القضية بعد وفاته تشكل هاجسًا مشتركًا لدى أبنائه الملوك البررة من بعده، الذين حملوا عبء الأمانة وتبعاتها دونما أي تفريط أو تقصير أو كلل؛ إذ كان -ولا يزال- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في مقدمة الداعمين للقضية الفلسطينية والمؤمنين بعدالتها، وأكد ذلك في القمة العربية «التاسعة والعشرين» المنعقدة مؤخرًا في المملكة والمسماة بـ «قمة القدس»؛ إذ قال -أيده الله-: «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين، وأن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى، وستظل كذلك حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية». وعبّر عن حرص المملكة على ترجمة اهتمامها بالقضية الفلسطينية إلى واقع مشهود؛ إذ تبوأت المملكة المكانة الأولى في قائمة الدول الداعمة لفلسطين على الأصعدة كافة، منها الدعم الإنساني والتنموي. وقدمت المملكة لصالح الشعب الفلسطيني ما يربو على 6 مليارات دولار أمريكي منذ العام 2000.
وقال معالي رئيس مجلس الشورى إن المملكة العربية السعودية بوصفها راعية للحرمين الشريفين «لتعرب عن استنكارها وأسفها الشديد للقرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل سفارتها إليها. ولقد حذرت المملكة في وقت مبكر الإدارة الأمريكية من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة». مبينًا أن هذا القرار يمثل انحيازًا كبيرًا ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس، التي كفلتها القرارات الدولية ذات الصلة، وحظيت باعتراف وتأييد المجتمع الدولي، كما أنها أدت إلى استفزاز مشاعر المسلمين حول العالم نظرًا لمكانة القدس العظيمة والمسجد الأقصى.
ورأى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ أن «هذه الخطوة وإن كانت لن تغير أو تمس بالحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، ولن تتمكن من فرض واقع جديد عليها، إلا أنها تمثل منعطفًا خطيرًا، وتراجعًا كبيرًا في جهود الدفع بعملية السلام، وإخلالاً بالموقف الأمريكي المحايد تاريخيًّا من مسألة القدس؛ الأمر الذي سيضفي مزيدًا من التعقيدات على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية».
ولفت النظر إلى تجديد المملكة الدعوة لدعم الشعب الفلسطيني، وتمكينه من استعادة حقوقه المشروعة، وإلى ضرورة إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة، والمبادرة العربية. مطالبة المجتمع الدولي بتكثيف جهوده للوصول لحل شامل وعادل، على أن تشكل مبادرة السلام العربية خارطة طريق لحل الصراع بشكل نهائي.
وشدد معاليه في ختام كلمته في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في دورته الثامنة والعشرين الاستثنائية المنعقد حاليًا بمقر مجلس النواب المصري على أن قضية المسجد الأقصى بشكل خاص، والقضية الفلسطينية بشكل عام، ليست قضية فلسطينية، بل هي قضية إسلامية عربية دولية؛ وهو ما يدعونا جميعًا اليوم للاستمرار في الوقوف بحزم ضد أي نوع من أنواع الاعتداء والعنف ضد الأشقاء في فلسطين، أو العبث بتراث أمتنا الإسلامية والعربية، وحفظ تاريخها وحضارتها ومقدساتها.