د. محمد عبدالله الخازم
قبل أكثر من عشر سنوات كتبتُ عن مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، وكان لا يزال يحبو في سنواته الأُوَل، وتساءلت: هل هذا هو الحلم الذي انتظره أهالي المنطقة الشرقية، وفي مخيلتهم الذهنية أنه سيكون صرحًا مشابهًا لتخصصي الرياض؟ ابتعدت عن متابعة ما يجري في تخصصي الدمام، حتى قرأت مؤخرًا عن تعيين مدير جديد له؛ فلفت انتباهي كثرة تغيير المديرين لهذا المستشفى؛ فخلال سنتين مرَّ أربعة أو خمسة مديرين تنفيذيين على المستشفى؛ فما هو السر في ذلك؟ هل هو دليل على أن تخصصي الدمام لم تكن تخبطات تأسيسه التي أشرنا إليها قبل عقد من الزمان مجرد وعكة عارضة، وإنما إعاقة مستديمة، ستلاحقه وتبقيه في حالة عدم الاستقرار؛ وبالتالي عدم التطور وفق ما يحلم به أهالي المنطقة من خدمة صحية تخصصية؟ هل هي مشكلة وجود الكفاءات أم مشكلة هروبها من قيادة هذا الصرح الطبي؟
الإشكالية أن كل مدير يأتي يبدأ بالتغييرات، ومن ضمنها تغيير القيادات الأدنى بالمستشفى، كالإدارة الأكاديمية والإدارة الطبية.. وغيرهما. وهذا الأمر يجعل الإرباك ينتقل لمستويات العمل الأدنى بالمستشفى. يبدو أن كل مدير يأتي يعتقد أنه سيدوم؛ ومن حقه اختيار من يفهمه ويساعده على تنفيذ خطته التنفيذية، أو أن كل مدير ليس مقتنعًا بفعل مَن سبقه؛ وبالتالي يبادر للتغيير! وهكذا نجد تغيير المديرين ليس مجرد تغيير أشخاص بل إرباك إداري وتنفيذي شامل للمستشفى. تخصصي الدمام بدأ تشغيله ومدينة الملك فهد الطبية في وقت متقارب، وكلاهما أنهى بناءه، وبقي سنوات عديدة قبل التشغيل، فلماذا تميزت مدينة الملك فهد الطبية لتكون أيقونة وزارة الصحة - كما أسماها أحد وكلاء الوزارة - بينما تخصصي الدمام لم ينجح كما كان الحلم؟ هل تعاني وزارة الصحة تأسيس مستشفيات تخصصية طرفية، توازي الطموحات والرغبات التي ينشدها الأهالي في مختلف المناطق؟
المنطقة الشرقية لديها معاناتها في مجال الخدمات الصحية رغم محاولات التحسين في تخصصي الدمام، والدمام المركزي، والملك فهد الجامعي، وخصوصًا في ظل تقليص خدمات مستشفى أرامكو، وحصرها على فئة محددة من الموظفين، وعدم تطور المستشفى العسكري. حتى مستشفى الخُبر الذي كان الحلم بأنه سيحل جزءًا من النقص يمرُّ بتعثر في البناء، جاوز عشر سنوات، ومثله تأسيس مستشفى جامعي جديد. الآن يراد أن يتولى مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام قيادة التجمع الصحي بالمنطقة الشرقية، فهل لديه القدرة للقيام بذلك، أم أننا نحمِّله أعباء إدارية تنظيمية جديدة، وهو الذي يعاني ترتيب البيت الداخلي له، ولا يزال دون إقناع أهالي المنطقة بأنه الحلم الذي رسموه..؟
لست أحكم على المدير الحالي، ولم أحكم على مَن سبقه؛ فوفق ممارسة تغيير المديرين المتسارعة يصبح المنصب مجرد محطة عبور سريعة.. لكنني أكرر السؤال: لماذا يتغير المدير التنفيذي لتخصصي الدمام كل بضعة أشهر؟ لماذا أربعة أو خمسة مديرين خلال سنتين فقط؟ لماذا لم يحقق تخصصي الدمام طموحات أهالي المنطقة الشرقية، وما زالت وجهتهم الأولى للعلاج هي القطاع الخاص أو مستشفيات خارج المنطقة؟!