د.ثريا العريض
المتابع لآخر المستجدات في الجوار الإقليمي لابد أن يلاحظ ظاهرة أحداث متشابهة وهي المظاهرات الصاخبة في شوارع المدن في العراق والأردن وإيران تطالب بتوفير الماء والكهرباء والخبز، معترضة على عدم اهتمام المسؤولين براحة المواطن. وليس المهم من هي الجهات المسؤولة عن استثارة الجماهير بقدر ما هو مهم أن تفهّم المطالبات المشروعة، وإقناع الناس أن معاناتهم مسموعة بوضوح وأن إجراءات ما ستتخذ لرفعها عنهم.. وبذلك تهدأ النفوس ولا ينحدر التعبير وتتصاعد الأفعال إلى التخريب والتدمير ويبقى الأمن. عند تأجج المشاعر والإنفعالات بالغضب تبدأ أعمال الانفلات خارج إطار التعبير البنّاء إلى التخريب والتدمير، ما يهدد الاستقرار ويضرب الأمن الوطني العام في مقتل.
تهديد استقرار أي بلد ما قد يكون الهدف والنتيجة لتأليب عدو خارجي، أو احتقان داخلي لفئات بعينها يجعلها تعمى عن أهمية الأمن لبقاء الأمان. وتتفاقم الأمور حين يكون هناك تصدعات فئوية داخلية لتنتهي التحركات إلى اقتتال بين الفئات كما حدث في اليمن إبان ما سمي بالربيع العربي، ليجد نظام الملالي فرصته في تحويل اليمن إلى ساحة صراع مذهبي لا يتورع فيه الحوثيون من زرع ملايين الألغام لتلتهم أطراف مواطنيهم، أو تجنيد الأطفال في حرب عبثية.
هي مأساة الأدلجة تحت مظلة الدين. وتناسي أن الولاء والانتماء هو للوطن.
هنا تأتي أهمة تحقيق الأمن السيبراني.. خاصة ونحن عالمياً نعيش في أجواء استفحلت فيها مهارات التواصل الإلكتروني غير المنضبط القابل للتسخير والاستغلال والذي لا يواكبه الوعي والتدقيق عند العامة عند استلام الرسائل التي تدس سم التأليب في رسائل مفبركة.
تداولت رسائل الواتسآب تصريحاً منسوباً لفضيلة المفتي العام للسعودية حول ضرورة تنقية الأحاديث النبوية من تلك الموضوعة والمضافة إليها لاحقا في ظروف سياسية.. ولو بقي الأمر عند هذا الطلب المنطقي لما كان هناك ما يسيئ.. ولكن التوضيح، الذي يدعوني إلى الشك شبه الجازم بأنها مفبركة على لسان المفتي ومنسوبة إليه، يدس السم الطائفي في الدسم وهو يأتي بتفاصيل أحاديث ينسب اختلاقها إلى الطائفة الشيعية.. بل ويشير إليهم بتعبيرات تصنيفية تتنافى تماماً مع طبيعة الأسلوب الراقي الذي اعتدناه من فضيلته، وتتضارب مع السياسة المعلنة للقيادة ممثلة في كلمات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد حول تجريم الكراهية والتأليب الفئوي.
أما إعادة نشر هذه الفبركات فيدخل تحت باب الجرائم الإلكترونية التي تهدد الأمن الوطني. ولعل اختلاقها من الأصل يأني من باب النفخ في الرماد لعل ما ينشرون يفلح في استيلاد جذوة تثير لهب الإنفعالات الغاضبة وتقلقل استقرار الوطن، وتعيد مآسي التفجيرات والإرهاب مع أعاصير الغلو التي نجحت القيادة في إخماد ها وإيقاف دواماتها.
هناك من يزعجه هدوء جماهير الوطن والتفافها حول قيادته وثقتها أنها جادة وصادقة وقادرة على حل ما يعانيه المواطن بالإجراءات التي تستديم البناء في إطار الأمن والنظام ومنع التأليب والاستفزاز.