د. خالد عبدالله الخميس
أيها الطالب/بة الجامعي: أبارك لك قبولك، وأهلاً بك في البيت الجامعي حيث تلتم فيه مع طلاب جامعيين وأساتذة أكفاء وتمارس فيه نشاطاتك الأكاديمية وغير الأكاديمية. ولعلك تعلم أن هذا المقعد الذي خصص لك تنافس عليه عشرات الطلاب ممن لم يحالفهم الحظ في القبول، ولعل هذه المقالة ابني الكريم تختطفك قبل ما تختطفك توجيهات المتعثرين والمثبطين، وأهيب بك بهذه المناسبة بفتح صفحة الجد والمثابرة والعزم والطموح والإبداع والإصرار. وأود أن أهمس في أذنك ببعض الجوانب الأكاديمية، وأوجزها في الآتي:
أعلم أن الدولة قد وضعت الجامعة بمرافقها ومديرها وأساتذتها وموظفيها لأجلك أنت، كون الطالب هو من يمثل محور العملية التعليمية ويمثل البذرة التي تزرعها الجامعة في بدء دخوله وتقتطف ثمرته عند خروجه.
- تذكر أن المواد العلمية التي تطرح في القاعات الدراسية بمجموعها هي من تؤهلك للتخصص المعني، وأعلم إن كنت لا تندمج مع محتوى تلك المواد ولا تروق لك، فتأكد أنك في المكان الخطأ وأن عليك إعادة النظر في اختيارك للتخصص أو أن الجامعة ليست هي البيت المناسب لك.
- تذكر أن الانتباه والمشاركة أثناء المحاضرات يرفع نموك العلمي والثقافي والمهاري ويرفع من أسلوب حواراتك العلمية ويجعلك في نضج فكري ومعرفي عالٍ.
وتذكر أن قلة الانتباه وكثرة الأعذار والتململ أثناء المحاضرات يعطي انطباعاً لعدم مناسبة استحقاقك للقب «طالب جامعي».
- ضع في بالك حقيقة أكاديمية «أن الاختبارات ليست وسيلة لعقاب طالب أو لإثابة طالب آخر، وإنما هدف الاختبارت يكمن في قياس مستوى المعلومات والخبرات.
- قد تصادف في مسيرتك الدراسية مادة دراسية تصعب عليك وربما ترسب فيها أو تحملها، وهذا شيء طبيعي، فحمل المادة لا يعكس فشل الطالب بقدر ما يعني أن المعلومات التي حصلت عليها لم تصل للمستوى الذي تطمح إليه العملية التعليمية.
- تذكر أن حمل المادة لا يعني فشل الطالب، وإنما يعني وجوب إعادة صياغة المادة العلمية مرة أخرى لتتحصل المعرفة المطلوبة. وهكذا فإن كانت الاختبارات هي وسيلة لقياس مستوى المادة العلمية، فإن حمل وإعادة المادة هي وسيلة لعلاج مشكلة ضعف المادة العلمية عندما يعيد تعلمها مرة أخرى.
- هنالك عبارات خاطئة يرددها الطلاب وكذلك بعض المدرسين وللأسف الشديد، مثلاً المقولة الشائعة «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان». هذه العبارة تردد كثيرًا أيام الاختبارات ومعناها يقول إن الاختبارات وضعت كعقاب مذل للطالب المهمل وثواب جزيل للطالب المجتهد. وهذا المفهوم في العرف التربوي مفهوم خاطئ ومخل بأهداف التعليم. ولكي تصحح العبارة السابقة نقول: الاختبارات هي مقياس لما تحصلت عليه من معارف ومهارات، فإن أعطى المقياس درجة منخفضة تم علاجه عبر إعادة وحمل المادة. ومثل مقياس الاختبارات التحصيلية مثل مقياس درجة حرارة الجسم فإن اختلت مقياس درجة الحرارة تم علاج المريض.
- هناك عبارات يرددها الطلاب كثيراً: «يا دكتور راعنا، ساعدنا يا دكتور، نبغى مساعدتك، لا تقصر معنا، أنت كريم وحنا نستاهل، يا دكتور راعنا في المعدل، خلنا نمشي ولا تعقد الأمور، نبغي فزعتك ووقفتك معنا، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
كل هذه العبارات دخيلة ولا تنتمي للمؤسسات التعليمية. وبعض تلك العبارات التي هي مثل (راعنا، انت كريم وحنا نستاهل.. إلخ) هي عبارات لا تستخدم إلا عند محلات البيع والشراء التي فيها تخفيض ومراعاة أو تستخدم عند الدخول للمؤسسات الخيرية والمعونات الاجتماعية، ولا ينبغي ذكرها في المؤسسات العلمية بأي حال من الأحوال، ومن يقولها يجهل رسالة الجامعة. فعلى الطالب أن يترفع ويرتفع بنفسه عن التلفظ بتلك التعابير الدخيلة، فالمؤسسات التعليمية هي من تعطي العلم والمعرفة، والمؤسسات الخيرية هي من تعطي المعونات والصدقات، والأستاذ الجامعي ليس موزع صدقات بل رسالته تقوم على إعطاء مادة علمية تخدم الطالب في مجال تخصصه. ومفهوم المراعاة عند أساتذة الجامعة هو أعطاء مادة علمية ثرية وموسعة أكثر مما هو مقرر.
- ليعي الطالب/ بة، الحكمة التي تقول «الصيف ضيعت اللبن». والمعنى أن كثيراً من الطلاب لا يبدأ نشاطهم إلا في نهاية الفصل فيسألون عن مواضيع المقرر والمواضيع الداخلة في الاختبار والمواضيع المحذوفة. والطالب الذي لا يتابع الخطة الدراسية المرسومة والمراجع العلمية المحددة منذ بداية الفصل لا شك أنه سيواجه مشكلات. لذا عليك أن تسأل كل دكتور تدرس عنده محتوى المادة وتوصيفها ومراجعها، وأن تتابع المطلوب أولاً بأول لكي لا ينطبق عليك المثل «الصيف ضيعت اللبن».
- الطالب يرتكب حماقة عندما يعتقد بالأفكار الخاطئة التالية:
_ الدرجات توزع بحسب ظروف الطالب وليس بناءً على التحصيل.
- الطالب الذي بقي عليه فصل واحد للتخرج فإن نجاحه في كل مواد الفصل الأخير مضمونة.
- الرسوب هو عقاب وفشل ونقص في الطالب.
- كثرة الترجي والاستعطاف للأساتذة تزيد فرص النجاح والحصول على تقادير عالية.
ابني الطالب/الطالبة: هنيئاً لك بقبولك في الجامعة وهنيئاً للجامعة بك، ولعلك تكون ممن يرفع مستوى التعليم الجامعي، فدع الجامعة تفاخر بك ولا تفاخر بها، فالجامعات ترتفع بخريجها قبل معلميها.