حمّاد السالمي
* أين تقع (بلّلسمر)..؟ وماذا نعرف عنها..؟
* على ذمة (ويكيبيديا الحرة): فإن (بنو الأسمر)؛ أو (بلّلسمر): قبيلة عربية تقع على سلاسل جبال سراة الحجر الممتدة من قمة شعف بيحان حتى مشارف تنومة شمالًا. قال البريطاني (كيناهان كورنواليس (1916م) بلّلسمر قبيلة قوية، تقع في ِشرقي محايل، ويفصلهم عنها الريش، ويتاخم حدودها من الشمال بنو شهر، ومن الشرق شهران، ومن الجنوب بلّلحمر، ومن الغرب الريش. تمتد بلادهم من السفوح الخصبة إلى الإصدار التي تعرف بـ: (عقبة ساقين المؤدية إلى قمة سلسلة الجبال الرئيسية والهضبة التي وراءها. جبل هادا قاعدة القبيلة، والأكثر إنتاجا. وتنتج القهوة في المدرجات المرتفعة، والقمح والحبوب الأخرى في الأودية. مشهورون بالكرم والشجاعة، وتنقسم القبيلة إلى الآتي: أهل الجبل الذين يسكنون سلسلة الجبال الرئيسية، وقراهم الرئيسية تقع على طريق أبها - الطائف، ومنها: سدوان، وحضوة آل خريم؛ (وهي سوقهم الرئيسي)، والمضفاة؛ وآل لعبان. ثم أهل تهامة، ويسكنون الإصدار المؤدية إلى سلسلة الجبال الرئيسية. معظم القرى تقع حول جبل هادا، ومن أهمها: أهل جبل هادا، امزريبة، وخميس المخاضة، وهي سوقهم الرئيسي، وامحقو، والهرار. وقد عدّ سكانها في ذلك الوقت بحوالي تسعة آلاف رجل.. هكذا رجل فقط..!
* بعد هذا التعريف الموجز الذي يعود لعامين بعد المئة؛ أسعى اليوم جاهدًا إلى التعريف بظاهرة اجتماعية إيجابية قليل من الناس من يلتفت إليها، ألا وهي تنظيم المهرجانات الموسمية، التي تبرز أنشطة زراعية أو رعوية وصناعية وثقافية وفنية وخلافها، من قبل أهالي الأرياف والقرى والمدن دون أن تكلف الدولة قطميرًا أو نقيرًا. في محافظات ومناطق كثيرة في المملكة؛ تقام مهرجانات للعسل والعنب والرمان والحريد والزيتون والمانجو والبن وغيرها. أما في (بلّلسمر)؛ فهناك مهرجان مختلف، ينطلق غدًا من حاضرتها: (اثنين بلّلسمر) في عامه الرابع. إنه مهرجان: (البُرّ)، الذي نشأت فكرته وبرزت على يد ابن بار من أبناء بللسمر، هو صديقنا العميد متقاعد (سعيد بن أحمد الأسمري).
* ماذا قال رائد مهرجان البُرّ عن فكرته البارة هذه..؟ سألته فقال:
* بدأت فكرة المهرجان بسؤال طرحته على نفسي ذات مرة وأنا أتأمل في إمكانيات بلدتي التي ولدت ونشأت بها..؟ وكيف يمكن للناس أن يطوروا الاستثمار فيها، وكيف يجعلها أهلها جميلة ومنتجة..؟ خاصة إذا علمنا أن الإنسان وجهد الإنسان هو الذي يجعل للحياة قيمة ومعنى.
* أدرك ابن بلّلسمر رائد هذا المهرجان الكبير؛ أن لمحافظته إمكانيات زراعية وحضارية وتاريخية ومناخية وتضاريسية مؤهلة للاستثمار على أجمل ما يمكن، فأسس مهرجان البر في عام 2015م، تشجيعاً للزراعة والمزارعين من جهة، ودعمًا للتجارة والسياحة في بلّلسمر على وجه الخصوص، وفي منطقة جبال السروات على وجه العموم، لدفع المزارعين والصناع والتجار؛ إلى إعادة تأهيل المدرجات الزراعية، وعودة الناس إلى الزراعة والحرف والمهن التقليدية الجميلة، وجعل لهذا المهرجان الموسمي جائزة من عدة فروع هي: (جائزة للمزارع، وجائزة لمربي الماشية المثالي، وأخرى لصاحب أفضل عمل لخدمة النظافة وحماية البيئة، ورابعة لأفضل عمل فني أو أدبي أو علمي لتشجيع الشباب البارعين في هذه المناشط). بعد ذلك أضاف: (جائزة للمتطوع المثالي، وجائزة للأسرة المنتجة)، وقد خصص لهذه الجائزة وفروعها مبالغ مالية بعشرات الألوف من حسابه الخاص، وأوكل إلى أبنائه الاستمرار فيها من بعده بعد عمر طويل. هذا يحدث في (بلّلسمر).
* في العام الفارط 2017م؛ تم تشكيل لجنة للتنمية السياحية في بلّلسمر برئاسة رئيس المركز، وأخذت على عاتقها تبني الدعم المالي للعديد من المناشط التي تخدم العديد من الفعاليات الصيفية، ومنها مهرجان البر الذي ينظمه ويشرف عليه رائد فكرته العميد متقاعد سعيد بن أحمد الأسمري، بمعاونة من شباب بلّلسمر حتى اليوم. هذه اللجنة ساهمت بجزء من تكاليف فعاليات مهرجان البر، ما عدا الجائزة التي بقي الصرف عليها من مسئولية راعيها وأبنائه من بعده. لقد اشتهر مهرجان (بر بلّلسمر) حتى أضحى مكوناً تجاريًا وسياحيًا صيفيًا تشد له الرحال من أنحاء المملكة، ومن دول الخليج العربي.
* ماذا يحدث في محافظة بللسمر؛ التي تعد من كبريات محافظات منطقة عسير، فتعداد ساكنيها يناهز الثمانين ألف نسمة، موزعين بين سراتها وتهامتها..؟
* إنه مهرجان موسمي له دلالاته الإنسانية والمكانية والزمانية التي تتعدى تشجيع زراعة وإنتاج البر؛ إلى إدراك ووعي ابن الأرض بدور ريادي كبير، يبدأ من فرد واحد؛ ليعم بوهجه وخيره بقية الأفراد من حوله. فرد من المجتمع يُسخر جهده ووقته وماله لخدمة بيئته، هو مثال يحتذى لكثير من المبادرات الفردية التي نعرفها في مجتمعنا. فإلى جانب مبادرات تشجيع الزراعة والرعي والتنحيل والحرف التقليدية التي ظهرت في كثير من المناطق؛ هناك مبادرات مهمة لكثير من الأدباء والمثقفين في بلادنا، الذين ينشطون في مدن وقرى المملكة على حسابهم الخاص، فلهم منتدياتهم وصوالينهم، وهؤلاء وأولئك؛ ينبغي أن يُشجعوا ويُدعموا، لا أن يُهبّطوا ويُثبّطوا. هذه هي مؤسسات المجتمع المدني الذي ما فتئنا ننادي بها ليل نهار.
* لله در الشاعر الكبير أبي القاسم الشابي؛ الذي صوّر حال النفوس الكبيرة ونجاحاتها في الحياة:
هكذا تُدرِك النفوسُ مُناها
و ترى سبل الحياة فساحا
فابذل الجهد واستحِثّ المطايا
إن صنع النجاح ليس مِزاحا
ليس من يغمر البلاد بزيفٍ
مثل من يعمر البلاد نجاحا