إبراهيم الدهيش
- تظل المفاجأة في رأيي الشخصي في وصول المنتخب الإنجليزي لدور الأربعة ويظل قرار الكرة بوصول فرنسا وكرواتيا وبلجيكا منطقياً وطبيعياً بل ومنصفاً لهذه المنتخبات عطفاً على ما قدمته من أداء جماعي وانضباط تكتيكي ألغى دور النجم الواحد بالرغم من أنه لا أحد كان يتوقع أن تختتم البطولة برائحة (اليورو)!^
- فالمنتخب الفرنسي جاء للبطولة باستقرار فني وعناصري بالرغم من خسارته بطولة أوروبية قبلها بذات التوليفة ولعب دونما ضغوطات مسبقة ووضع ثقته في عناصر شابة غالبيتها من مواليد فرنسا فكان كمن (جاء يطل فغلب الكل) وسأكتفي برؤية المدرب زلاتكو لحالة المنتخب الكرواتي حين قال: (جميع الفرق التي تعتمد على لاعبين معينين خرجت وبقيت الكرة الجماعية) ويظل المنتخب البلجيكي الذي استغرقت صناعته (15) عاما، واحداً من أفضل منتخبات البطولة جماعية وقتالية.
- وأختلف كلية مع من وصف خروج البرازيل والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا بالمفاجأة، فالأرجنتين كانت تعاني في الأصل لدرجة أن تأهلها جاء (بطلعة الروح) وزاد طينها بلة باعتمادها على ميسي ليفعل لها كل شيء بالوكالة و(الموال) نفسه بالنسبة للبرازيل مع اختلاف في النهج والأسلوب بتسخير كافة العناصر لخدمة نيمار فأشغلها وانشغل عن المهمة بالسقوط والتمثيل! وألمانيا خذلتها عواجيزها وأسلوبها الذي بات مكشوفا للجميع، وإسبانيا افتقدت للروح ولشخصية البطل ولم تقدم «كلها على بعضها» ما يشفع لها بالاستمرار في المنافسة وبالتالي كان خروجها طبيعياً بل ومتوقعا!.
-وكنت أتمناها كرواتية لكنها جاءت فرنسية ولن يغير هذا من الأمر شيئا، ولو جاءت بلجيكية فهو منتخب يستحق بلا شك ومن الإنصاف أنها لم تكن إنجليزية وحتى وإن خسرت كرواتيا البطولة فقد حققت إنجازاً أشبه بالإعجاز فقد أعادت كتابة تاريخ اللعبة وساهمت في صياغة توزيع جغرافية الخارطة العالمية لكرة القدم، وقدمت نفسها للعالم وهي الدولة غير المعروفة إلى حد ما من خلال الكرة التي لا زال البعض يعتبرها مجرد جلد (منفوخ) وممارستها مضيعة للوقت!
- وباختصار شديد فبالإضافة إلى أن تغير قواعد اللعبة وظهور منافسين جدد أعطى البطولة بعدا مختلفا ومتعة جديدة فإن هذه المنتخبات الثلاثة أثبتت بأننا نعيش عصر الكرة الجماعية والاستحواذ الإيجابي وبأن الاعتماد على النجم الواحد رهان خاسر ناهيك عن أنها برهنت على أن التاريخ لا يصنع المستقبل ما لم يكن هذا التاريخ امتدادا وأساسا لبناء الحاضر برؤى جديدة متجددة (أسها) الأكبر التخطيط بطرق وأساليب احترافية غاية في دقة المتابعة والتنفيذ!
- وفي النهاية أعتقد جازماً بأن كرتنا لا زالت «محلك سر» وبأن طموحاتنا أعلى سقفا من واقعنا. نفتقد للتخطيط المستقبلي وتحديد الأولويات على اعتبار أنه لا زال منا وفينا من لا يؤمن بأن الرياضة غدت صناعة واستثمارا وواجهة حضارية تنموية لا نتعلم من أخطائنا، ولذا تجدنا دوما نكرر أنفسنا. يعيبنا عدم الاستقرار وتغير القناعات بين عشية وضحاها، وبالتالي نكتفي بتحقيق حلم الوصول والمشاركة كضيف شرف، ومع هذا وبالرغم من هذا فلا زال في الأمل بقية!!.
وسلامتكم.