محمد جبر الحربي
1.
يا محمَّدْ
يا صديقاً ماتَ والدّنيا ممَرُّ.
والندى شعرٌ، وهذا الشعرُ دُرُّ.
أيّها الرَّحَّالُ:
هلْ في الحقلِ زيتونٌ ونخلٌ وغيومْ..؟
هلْ تدلّتْ يا صديقي في نواحيهِ الكرومْ..؟
واصطفتْهُ الطيرُ سَجَّاداً وألوانَ غناءْ
مثلما كنَّا نُغَنّي للقضايا والدروبْ.
فإذا حلَّ المساءْ..
أنبتَ الشِّعرُ سماءً وعيوناً ونجومْ..!
أمْ تُرى الناس سكارَى الوهمِ
والعمرُ يمُرُّ..؟!
كمْ شربنا مِنْ وعودٍ وسرابْ
وتجرَّعنا الحروبْ.
ريثما غارَتْ ثغورٌ وتخومْ.
ثمَّ، ها طارَتْ بلادٌ تلوَ أخرى
واستوى فينا الخرابْ.
فالذّرى القيعانُ والتِّبْرُ تُرابْ.
أمْ هيَ الأبصارُ تعشَى والقلوبْ..؟!
2.
مُرَّةٌ يا هذهِ الحلوةُ يا أوطانَنا
لمْ نعدْ نعرفُ أسماءَ القرى
لا بلادَ العرْبِ
لا أعلامَها
واستطابَ الناسُ وهماً
- إنَّ هذا عارضٌ ممطُرُنا
ويْكأنَّ الخيرَ شرُّ..!
آهِ منها يا محمَّدْ.
آهِ مِنْ هذا الجوى
هلْ تُراهُ القاتلَ الأرداكَ فجراً وانثنى
ما لهذا العِشقِ إنْ أبحرتَ بَرُّ.
مُتْ سليماً يا محمدْ
لا الخياناتُ مِنَ الأرضِ إلى القبرِ
كما التربةِ نذروها تُذَرُّ.
كلُّ شيءٍ واضحٌ:
لا حِزْبَ
لا نيرانَ غَدْرٍ
لا سياساتِ أفاعٍ في الليالي
أيها الغالي على القلب سلاماً
يا سليماً يا محمدْ.
3.
يَا أَكرمَ النَّاسِ فِي الأَكْوَانِ قَاطِبَةً
يَا مَنْ إِلَيْهِمْ.. مَزَارَاتُ النَّدَى تُنْوَى
مِنْ طِيْبِهِمْ.. عَطَّرَ التَّارِيْخُ سِيْرَتَهُ
هُمْ سِرُّ نَضْرَتِهِ وَالرُّوْحُ وَالْفَحْوَى
هَذِيْ بِلادِيْ.. وَهَذِيْ مُهْجَتِيْ مَعَهَا
فِيْهَا ابْتِدَائِيْ وَفِيْهَا الْخَتْمُ وَالمَثْوَى
4.
الْحُبُّ مَنْجَاتِي وَحُبُّكِ مُنْقِذِي
مِنْ ذَا السَّوَادِ يُطِيْلُ نَبْشَ جِرَاحِي
قَلْبِي أنَا عَارٍ أمَامَ عُيُونِهِمْ
إلَّا مِن التَّقْوَى وَثَوْبِ صَلاحِي
دَثَّرْتُهُمْ عُمْرَاً بِدفءِ قَصِيْدَتِي
قُوْمِي اسْتُرِي عُرْيَ الْفَتَى بِوِشَاحِ
وَتَحَدَّثِي مِثْلِي كَأنَّا يَا أنَا
نَايَانِ.. فِي كَرْمٍ كَرِيْمِ الرَّاحِ
حَتَّى إذَا مَالا جَوَىً وَتَعَانَقَا
لا تَخْجَلِي فَالْجَالِسَاتُ جِرَاحِي