علي الخزيم
ذهب شباب من المملكة وبعض كهولها إلى مونديال المنافسة العالمية لكرة القدم في روسيا، وعاشوا هناك ما كتب الله لهم وتعايشوا مع شعب البلد المضيف وجاليات وافدة من شعوب أخرى جاءت للسياحة والاستمتاع بفنون اللعبة، ولم تسجل - ولله الحمد - ضد أحدهم أي ملاحظة أو قضية تسيء لهم أو لبلادهم، كانوا كما شاهدناهم عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ناشطون بفعاليات تُعبِّر عن اعتزازهم بأنفسهم وبأخلاقهم، شامخين بعاداتهم وتقاليدهم العربية الراقية، وهذا محصلة لفخرهم بوطنهم العريق الأصيل عروبة واسلاماً، رافعين راية وطن العزم والحزم راية التوحيد، شاهدناهم جماعات وأفراداً يلهجون باسم الوطن والقيادة الرشيدة، بعيدين عن مواطن الفتن ومواخير التحرش والرذيلة وما يُلَوِّث مرؤتهم وسمعة بلادهم، فشكراً لهم كمواطنين صالحين بإذن الله.
ليس القانون هو الحائل بينهم وبين مواطن الفساد فهي متاحة هناك بالقانون لكنه الانضباط والامتثال لتعاليم الدين والتربية الصالحة، فاذا كان شبابنا وفي ظل قانون يسمح لهم بممارسة نزوات شبابية قد يميل لها أي شاب ومراهق؛ منضبطين ومستقيمين، فكيف بهم وهم يشاهدون أخواتهم - مواطنات ومقيمات - يَقُدْن سياراتهن متوجهات (مثلهم) لدراستهن وأعمالهن، فهل من المروءة والشيمة والرجولة أن يعمدوا لإيذائهن والتحرش بهن، وهل من العقل والمنطق أن يفكر شباب مملكة العز وهم فخرها بمثل هذا الفكر المُتدني، والمستوى الهابط من التعامل مع شقيقاتهم بما يَنْفُر منه الذوق العام وتمُجُّه النفس الأبية؟
العقل والمنطق يقولان أننا لسنا مجتمعاً كامل الطهارة والنقاء، فقد يحدث بيننا ما يحدث بمجتمعات مماثلة، ومن شباب لم ينضج بعد، لكن ما يُدمي القلب ويُنْدِي الجبين وقائع قصص - على ندرتها - يروى أنها تحدث ممن يفترض منهم الصلاح ورجاحة العقل والبعد عن مواطن الشبهة والفساد، مدراء أو ماليون تنفيذيون، هم محل القدوة الحسنة للأجيال، وينتظر أن يرسموا صوراً ناصعة للوعي والطهر والنقاء لمن حولهم ولمن بعدهم، لم ينفعهم علمهم ولم تَرتَقِ بهم شهاداتهم ولم تُحَصّنهم مراكزهم عن الفحشاء ومنكر القول والعمل، ما أجبنهم أمام بريق (الجنس والمال) لاسيما ما يكون مزخرفاً بزيف شيطاني أمام أنفس تتغشّاها أوهام وأمراض بعدم القناعة بما وصلت إليه من مقامات وعيش كريم لتتعدى حدود الله من خلال مناصب إدارية ومالية طلباً لمزيد مُحَرّم وعَرَض زائف، وكان الأمل أنهم الأبعد عن اقتراف هذه الذنوب وتلطيخ مروءتهم وسمعة أسرهم بما كسبت أيديهم وساء ما يكسبون، وكأنهم يرفضون شرع الله وما أبيح لهم من الأرزاق والأزواج، ليُمَرِّغوا سمعتهم وشرفهم بوحل الرذيلة ويوقعون معهم عفيفات لم يَكُنّ ليفعلن ذلك لولا حبائلهم الشيطانية، وإني لأعجب من نسوة لم يَتّعظن بقصص تُروى ومآس تُعرض بسبب هذه الغرائز الطاغية والشياطين المتربصة بعفافهن وكرامتهن فتنساق خلف الأكاذيب والإغراءات، يخدعهن بريق الشهرة ونمارق الألقاب التي تُغَلّف الذئاب المتعطشة للجنس المنغمسة بالملذات على حساب كرامة مجتمع متسامح لازال يعيش على وتيرة زمن الطيبين الطاهرين، حمى الله مجتمعنا من (ذئاب المال والنساء).