موضي الزهراني
ناقشنا كثيراً أهمية إقرار العقوبات البديلة لتلك القضايا التي لاتحمل في طابعها الجانب الجنائي، ومازلنا ننتظر إطلاق هذا الإنجاز العدلي الهام من وزير العدل د. وليد الصمعاني قريباً بإذن الله تمشياً مع رؤية 2030 القائمة على الاستفادة من الطاقات البشرية في تنمية المجتمع، والحد من الهدر المالي العظيم الذي تخسره الدولة على السجناء في قضايا بالإمكان تأديبهم وتهذيب سلوكياتهم من خلال عقوبات بديلة واقعية تهدف إعادة برمجتهم العقلية والسلوكية من حيث التعامل مع ضغوطات الحياة! ولأن العقوبات البديلة تعتبر بدائلاً عن السجن، وتمنع سياسة الحرية المطلقة، تعتبر أيضاً من العقوبات ذات النفع العام، وذلك لأسباب إنسانية واجتماعية ومالية بحيث يتم الاستفادة من المذنبين في خدمة مجتمعهم تبعاً للجرم الذي أرتكبوه! ومثال لذلك هناك بعض القضايا قد يظهر فيها الحق العام أكثر من الخاص كمثل تخريب المرافق العامة، هنا الأفضل بدلاً عن السجن لشهور وصرف ميزانية خاصة لهذا السجين، أن يتم إشراط إطلاق سراحه ومسامحته بعد اخضاعه لبرنامج عقابي بديل يقوم على عمله لساعات يحددها القاضي في مرافق عامة متنوعة، ولايتم رفع العقاب عنه إلا بعد رفع تقرير خاص عنه للقاضي! أيضاً الاعتداءات بين الأشخاص وعلى موظفي الدولة في أماكن عملهم، هذه القضايا تحتاج صياغتها من جانبين وهما: إحالة المعتدي لمركز سلوكي لإعادة تأهيله نفسياً وسلوكياً، مع إقرار العقوبة البديلة المناسبة لفعلته داخل محيط المعتدى عليه حيث سيكون لها بالغ الأثر النفسي والسلوكي في شخصية المعتدي! كذلك الأحداث الصغار والذين تمتلئ بهم دور الأحداث مثل «دار الملاحظة الاجتماعية» أو مؤسسات رعاية الفتيات، وأغلبهم ضحايا لأسر مفككة وتربية غير سويَة، ويتم معاقبتهم بالسجن لسنوات أو شهور ويحكم عليهم كذلك «بالجلد» وعليكم الحكم ماذا يكتسبون من خبرات انحرافية متنوعة داخل تلك المؤسسات مهما كانت الأنظمة الداخلية بها تقوم على الفصل فيما بينهم تبعاً لاختلاف القضايا والأعمار وتكرار القضية! كذلك قضية هروب الفتيات نتيجة العنف الأسري والذي قد يتطور لقضايا انحرافية أو جنائية، فإن معالجته لاتتوقف عند السجن فقط، بل يتطلب الأمر معالجة أسرية شاملة مربوطة بالمحاكم الأسرية! فالبيئة الإصلاحية الداخلية لايمكن تكون مثالية بالدرجة الأولى سواء في السجون أو المؤسسات الإصلاحية، وهنا يتحمل القضاة مسئولية وأمانةظيمة تجاه الصغار الذين قد يندفعون لارتكاب أخطاء نتيجة لضغوط أسرية ونفسية مما يستوجب أهمية المطالبة في إقرار نظام العقوبات البديلة عاجلاً وذلك للحد من انتشار الخبرات الانحرافية أكثر مابين فئة الصغار والشباب والذين بالإمكان الاستفادة من طاقاتهم خارج بيئة السجن بدلاً من تجميدها داخل السجون مقابل ميزانيات ضخمة بالإمكان تسخيرها لمشاريع إصلاحية وتأهيلية لهذه الفئات مع مختلف القطاعات التنموية والتجارية والصحية!