متابعة - محمد المنيف:
متحف جبران خليل جبران الذي يقع على كتف وادي قاديشا في بلدة بشري (شمال لبنان) يعود متالقاً كما عهد منه شكلاً ومحتوى وذلك بدعم عالمي تمثل في منحة مالية من السفارة اليابانية أسهمت في إخراج لوحات جديدة من مخازنها ووضعها في متناول الزوار لمتحف يحمل اسم رجل فكر وفن فحق له أن يكون معلماً ثقافياً وإبداعياً تردد صداه في كل أرجاء المعمورة ولا تخلو منه ذاكرة مثقف أو مفكر أو شاعر ولا يمكن لزائر إلى لبنان إلا ويضعه ضمن برنامج جولاته مع ما أضفاه موقعه على سفح جبل وبما نحتته عوامل التعرية ومرور السنين، شكلت منه لوحة طبيعية بتنوع عناصره بين الحجارة وكثافة الأشجار المحيطة به.
إعادة تأهيل المتحف، أخرجت ما كان فيه من كنوز من محفوظات ومقتنيات جديدة لم تكن متاحة للزوار بسبب ضيق المكان.
فقد شمل الترميم إعادة تجديد الغرف، وإعادة بناء غرف جديدة لاستيعاب تلك الكنوز. كما شمل الترميم تعديل التقسيمات للصالات أضفت لأسلوب عرض للوحات ما يمنحها التألق من خلال الإضاءة ونحوها، لإبراز أهمية المقتنيات الأخرى. كما تم خدمة الأوديوفون بمختلف اللغات لتتيح لكل الزوار الاستماع لشرح أثناء تجواله.
الجدير بالذكر أن متحف جبران خليل جبران يقع في مسقط رأسه وبلدته بشري، وأصبح بمقدور زواره رؤية نحو 175 لوحة لم يعرض منها لا القليل لضيق المساحة قبل الترميم. حيث إن هناك أيضاً ما يقارب 200 لوحة ما زالت في المستودعات..
مدير متحف جبران أشار في لقاء لجريدة الشرق الأوسط قائلاً إلى أن «هذه اللوحات محفوظة وفق شروط فنية عالية تحميها من التلف»، وهو لا يخفي أن عدداً كبيراً من هذه الأعمال أصبحت في حاجة إلى ترميم بسبب الوقت الطويل الذي مضى عليها، لكنها تنتظر التمويل الكافي، أغلبية مقتنيات المتحف لها صيت واسع بين المختصين، ولا سيما 80 لوحة زيتية معروفة لجبران. من اللوحات الجديدة التي أضيفت وصارت متاحة للزيارة وتستحق أن تقصد لوحة «الخريف» التي رسمها جبران في بداية شهرته كفنان تشكيلي. هناك كذلك لوحة «المفكر» التي لا بد أن يعرفها عشاق جبران بفضل صورها المتداولة بغزارة. وهي لرجل ملتحٍ يسند وجهه بيده، ويتأمل في كرة من الكريستال. ومع إعادة تأهيل المتحف صار للوحات الاثنتي عشرة التي رسمها جبران لكتاب «النبي» وللمرة الأولى، في تاريخ متحفه، صالة خاصة بها تجمعها مع بعضها، ومعها أيضاً تعرض ترجمات لهذا الكتاب في 55 لغة مختلفة، علماً بأن «النبي» الذي كتبت له شهرة استثنائية صارت له ترجمات اليوم إلى 104 لغات.
كما أشار مدير المتحف إلى أن أهمية المتحف ودعم السفارة اليابانية أن العلاقة بين السفارة والقيّمين على المتحف متواصلة ولم تنقطع يوماً، ويتوافد الزوار اليابانيون على بشرّي لاكتشاف إرث جبران، كما أن السفراء اليابانيين حين يفدون إلى لبنان يحبون زيارة مقتنيات جبران. وهذه ليست المرة الأولى؛ فعام 2008 أسهموا بتجديد الإضاءة، وتمديدات الكهرباء. ويتحدث جعجع عن علاقات بين المتحف وسفارات كثيرة في لبنان.
الجدير بالذكر أن جبران خليل جبران شاعر وكاتب ورسام لبناني عربي من أدباء وشعراء المهجر هاجر صبياً مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على جنسيتها، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري ونشأ فقيرًا، في شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 أبريل 1931 بداء السل. ويعرف أيضاً بخليل جبران، وهو من أحفاد يوسف جبران الماروني البشعلاني. هاجر وهو صغير مع أمه إلى أمريكا عام 1895 حيث درس الفن وبدأ مشواره الأدبي. اشتهر عند العالم الغربي بكتابه الذي تم نشره سنة 1923 وهو كتاب «النبي». أيضاً عرف جبران بالشاعر الأكثر مبيعًا بعد شكسبير ولاوزي.