إبراهيم بن سعد الماجد
أولاً دعوني أصف لكم علاجاً قبل أن أنسى لمرض المفاصل وأنا للعلم لست طبيباً, الوصفة: ملعقة من زيت الزيتون مع ملعقة من زيت النخيل مع ملعقة سكر ناعم تؤخذ على الريق لمدة عشرة أيام!! جربوها فإنها مضمونة النتائج!
كأنني أسمع اعتراضات الجميع! ما لكم كيف تحكمون؟
هل الدين أهون عند بعضنا من صحة جسده ودنياه؟!
نقبل كلام فلان وعلان في أمور شرعية لا يقدم عليها إلا جهابذة العلماء ولا نقبل علاجاً لمرض بسيط؟
- (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار) حديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان ورد في الضعاف إلا أن معناه صحيحاً كما قال بذلك العلماء
خرج علينا في السنوات الأخيرة أناس يتسابقون إلى منصات الفتوى وهم لا يملكون أدنى أدواتها! وتصدر أناس آخرون لهذه المهمة وكل ما يملكون أنهم محافظون على الصلاة, أو لا يلبسون عقالاً وما أشبه ذلك من الزي الذي يلبسه العلماء! وبعضهم يحفظ آيات وأحاديث ويفهمها خلاف المراد الشرعي فيأتي بالعجائب! وآخرون يعترضون على فتاوى كبار العلماء وربما وصفوهم بأوصاف الجهل والتخلف وعدم فقه الواقع, وهم من سدنة الجهل في فهم الآيات والأحاديث والأسانيد.
علامات تعجب لا تنتهي, وألم لا ينقضي لهذه الجرأة على دين الله, والتهاون في إغواء خلق الله!
ومما قرأت مؤخراً خوض البعض في قضية تناسخ الأرواح, من كتاب مسلمون, وكأنهم لم يقرأوا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} قالوا إن روح فلان حلّت في جسد آخر ورأوا علامات وندم ولوج الروح وما إلى ذلك من جهالات وطوام قبيحة لا يمكن أن تصدر عن إنسان سوي فضلاً عن مسلم.
إن التهاون في أمور الشريعة سيخلق جيلاً لا يرى المرجعية الدينية ولا يعترف بها, مما يفكك المجتمع, ويصعّب على الأجهزة المعنية بضبط الأمن عملهم, كون مجتمعنا معروف بأنه يقف عند الحدود الشرعية ويستجيب لأقوال العلماء, لكن في ظل وجود هؤلاء الجهال مدعي العلم سيخلق لدى الصغار والشباب نوعًا من التشكيك والاضطراب الفكري, مما يعزلهم عن المرجعية الدينية وبالتالي يضعفها.
بلادنا عُرفت من تأسيسها بمرجعيتها الدينية, حتى إن الملوك منذ المؤسس لم يكونوا يخرجون على ما يقره كبار العلماء, بل إنهم يتراجعون عن قرارات اتخذوها إذا أبدى لهم العلماء عدم موافقتها للشرع.
كتاب غربيون كتبوا عن المجتمع المسلم وتحديداً السعودي ووصفوه بأنه مجتمع يؤمن بالمرجعية الدينية ويرى أنها صمام أمان له, وأنه لا يمكن النيل من هذه المجتمعات ما دام هذا الصمام قائماً!
لذا كانت الدعوات لإضعاف هؤلاء العلماء من خلال إبراز بعض الوجوه التي لا تنتمي في حقيقتها لهذه الكوكبة العلمية المرجعية الموثوقة لدى الناس, لتكون بعد فترة من الزمن وجوه مألوفة موثوقة!!
إن قوة بلادنا تكمن في كونها قائمة على تحكيم شرع الله, وهذه المرجعية الدينية المتمثلة في هيئة كبار العلماء, ولذا فإن المأمول أن يكون للهيئة دور في تقييم من يحق له الفتوى والظهور الإعلامي حتى لا نجد شبابنا يوماً ما يمارسون التطرف ذات اليمين أو ذات الشمال.