د. محمد عبدالله الخازم
تكرر وزارة الصحة ما أكده سابقاً وزيرها بقوله إن «الموظفين في التجمعات الصحية التي أُسّست أو التي ستؤسّس لن يتأثروا سلبياً بمراحل التحول المؤسسي، ولن يكون هناك إلزام لموظفي الخدمة المدنية بالانتقال إلى نظام التشغيل الذاتي ولا العكس؛ بل سيبقى الخيار للموظف...».
هذا يعني أن الصحة سيبقى لديها نظامان للوظائف وهذا الأمر له سلبياته التي نراها في مستشفيات كالجامعي وقوى الأمن والحرس وغيرها من تلك التي تجمع أكثر من نظام توظيفي. بل أرى أحد نجاحات مدينة الملك فهد الطبية هو عدم رضوخها للضغوطات الكبيرة عند بداية تأسيسها بجمع النظامين، والإصرار على أن يكون لديها نظام واحد. السؤال هو لماذا يخاف موظف وزارة الصحة الانتقال لوظائف العقود التي ستجعله خاضعاً لنظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية بدلاً من مؤسسة التقاعد؟ هل ستتكرر الشكوى في تحول جهات أخرى مستقبلاً لمثل هذا النظام؟ لماذا لا تبحث الأسباب الجوهرية التي يخشاها الموظف في حال الانتقال لنظام التأمينات؟
أولى الصعوبات أو المخاوف تتمثل في نظام تبادل المنافع بين نظامي التقاعد الحكومي والأهلي، حيث لا يستفاد منه سوى عند بلوغ الموظف ستين عاماً. أي أنه لا يعتد به في حال التقاعد المبكر وكأن الموظف لم يستفد من خبرته في نظام الخدمة المدنية. هنا يعتبر طبيعي تردد الموظف الذي قضى خدمة معقولة في نظام الخدمة المدنية من الانتقال لنظام التأمينات لأن خدمته لن تحسب في الوقت الذي يريده. وعليه يجب حساب فترة الخدمة في النظام المدني في جميع الحالات سواء عند التقاعد المبكر أو عند نهاية الخدمة ببلوغ السن القانوني وفتح نظام تبادل المنافع بدون تحديد إطار زمني.
المشكلة المقلقة الثانية هي ملاحظة ما يحدث بالمستشفيات الكبرى المطبقة لنظام التشغيل الذاتي وفيه تمايز في الرواتب والبدلات والترقيات بناء على معايير غير موضوعية. كذلك تقلق الموظف فكرة العقد السنوي الذي قد يتسبب في الاستغناء عنه. الموظف لا يرغب أن يكون عرضة للتمييز أو القلق من خسارة وظيفته دون منحه فرصة لإثبات ذاته. لذا نقترح وضع مسطرة واضحة تحدد الرواتب بعد الانتقال للنظام الجديد وكذلك جعل العقود الأولى لمدة ثلاث أو أربع سنوات. لنعتبرها مرحلة انتقالية حتى لا يهتز أمان الموظفين وثقتهم في النظام التوظيفي الجديد بالنسبة لهم.
المشكلة الثالثة تتمثل في الخوف من إجبار الموظف للعمل في منشأة أو مكان لا يريده، حيث التجمعات الصحية مكونة من مراكز عديدة والهيكلة قد تتطلب مثل ذلك. وهنا يجب أن لا يفرض على الموظف العمل في غير منشأته الأساسية ومنح بدل انتقال أو مميزات للانتقال من منشأة لأخرى في حال نقله، مثل نقله من مستشفى إلى مستوصف..
تلك بعض مصادر قلق الموظف من الانتقال لنظام التأمينات، والأمر لن يكون خاصاً بوزارة الصحة حيث متوقع أن تتبعها جهات أخرى كالجامعات. وعليه هناك حاجة لمساهمة مسؤولي الخدمة المدنية والعمل ومؤسستي التقاعد والتأمينات الاجتماعية في مناقشة المخاوف والبحث في إيجاد حلول مطمئة لها.