د.عبدالعزيز الجار الله
انتهت بطولة كأس العالم 2018م بروسيا يوم الأحد الماضي بنهاية غير رياضية لأن مشهد التتويج الختامي استحوذ عليه الرؤساء: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة كرواتيا كوليندا جرابر، ورئيس الـ(فيفا) والأعضاء واللجان المنظمة استحوذ الرؤساء واللجان على منصة التتويج وحصدوا المشهد بأكمله دون أن يتركوا للمنتخبين الفرنسي والكرواتي مجالاً للاحتفال وللحظة التي انتظروها سنوات.
المناسبة رياضية لكن حضور القيادات السياسية لدعم وتحفيز منتخباتهم الرياضية للفوز بأغلى بطولة عالمية حول التتويج إلى عرض سياسي وانتخابي وعرض جمع أصوات وتوسيع القاعدة الجماهيرية.
رئيسة كرواتيا هي من جنى مكاسب المونديال بحضورها البارز وكأنه ترويج سياحي لكرواتيا الدولة ذات (4) ملايين نسمة، وهي من أصغر جمهوريات أوروبا وتحديداً جنوب أوروبا والتي يعتمد دخلها على السياحة، لتجدها فرصة لتقود حملة علاقات عامة وتسويق سياحي ولفت الأنظار لدولتها الصغيرة والغنية بالبيئات السياحية.
اختلطت مساء الأحد ساعة التتويج ما بين التقاليد الرياضية والترويج السياسي الرئيس الروسي والفرنسي أغراض سياسية، ولفت الأنظار السياحية من رئيسة كرواتيا، والحضور الخجول من أمير قطر الذي حضر لاستلام (كرة) تنظيم كأس العالم 2022م لكنه لم يجد المساحة الإعلامية، والوقت الكافي لتقديم نفسه ودوله وسط ضجيج الساسة واحتفال المنتخبين، فكانت رحلة علاقات عامة غير موفقة لحصد نتائج سياسية تخرجه من نفق خلق العدوات مع دول الجوار، واختياره وإصراره على التحالف الإيراني التركي ضد دول جواره الخليجي والعربي.
هل الرياضة كأس العالم 2018م سعت إلى تخفيف الاختناق والاحتباس السياسي لروسيا في الشرق الأوسط نتيجة تورطها في سوريا واختلاط الأوراق في دمشق وتضارب مصالح روسيا وأمريكا وإيران وتركيا وإسرائيل، أو التعقيدات الروسية الأوروبية بسبب قضية احتلالها لبعض الأراضي الأكرانية أزمة القرم 2014م، وهل تفك احتباسات الشارع الفرنسي وتراجع شعبية ماكرون، وهل تنجح الرئيسة كوليندا في دعم شعبيتها واقتصاد بلادها عبر الجذب السياحي، وهل ينجح أمير قطر في الخروج من الدوائر الضيقة التي أدخل بلاده فيها بلا مبرر؟.
إذن نحن أمام مرحلة جديدة من كأس عالم تفرض فيه الأجندة السياسية، وهذا ما تحاول استغلاله الدوحة في الفترة المقبلة.