هدى بنت فهد المعجل
الحياة واقع كلما حاولنا التملّص منه انزلقنا إليه، هل لأن أرض الحياة زَلِقة؟
في الحياة، دوام الحال رهن الاحتمال؛ وبالتالي لا نطمئن كثيراً للطرق السالكة؛ ذلك لأن الحياة سلّة مفاجآت، فما تفرح بامتلاكه اليوم تفاجأ بفقد غيره غداً.
هي عملية مقايضة لا أكثر. فالحياة ترش لنا بساطًا بعد أن تسحب من تحتنا عشرات البسط. تزدحم أجندة علاقاتك بالأشخاص، بالأصدقاء، بالأحباء، بالمقربين، بالزملاء، بالأهل وبالأقرباء فإذا انتبهت وجدت من هم في الأجندة على وشك التفرُّق عنك، واحتمال فقدهم وارد جداً.
الحياة الواقع أشبه بلوحة تشكيلية نحاول استخدام جميع الألوان عليها، فلا تسير بنا في طريق واحد، يكرر نفسه ويكررنا معه، وإنما طرق متعددة تتعدد الألوان فيها، لكن محاولاتنا لا تنجح دائماً للتباين الواضع في أمزجة الألوان، أمزجة البشر.
في الحياة ننال تقدير من نعتقد أننا استحوذنا على روحه، لنكتشف أننا لسنا سوى خرزة في عقد حياته. في حين نتطلع للمركز فيه. التطلّع شيء وتلبية الحياة لتطلعاتنا شيء آخر. ونحن أمام الرغبة واستحالة تحققها في لتٍّ وعجن.
نؤسس لمستقبلٍ لنا ولمن نُحب، نؤسسه معاً، نضع اللبنات.. نُتابع البنيان.. نُصحح ما شذ عن النسق منه.. نُشذِّب الأغصان.. فإذا استلمنا المقص ويممنا وجهنا صوب الشريط لم نجد البنيان الذي تعهدناه بالرعاية والمتابعة، لم نجده على الصورة التي أسسنا لها!!
هكذا هي الحياة تمنحنا الذي تريده وليس الذي نريده أو ننتظره منها. لا أسقط الجهد ولا أنكر الأهداف والتأسيس لها وآلية تنفيذها، ولن أعترض على أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. لكنها لا تأتي دائماً كما نريد ونتمنى ونود ونشتهي، والرياح كثيراً ما تتجه عكس إرادة السفن لدرجة أني كثيراً ما أتساءل: من يأخذ كفايته من الآخر، هل الحياة تأخذ كفايتها منّا، أم نأخذ نحن كفايتنا من الحياة؟
الحياة معادلة صعبة عصيّة على الفهم وعلى التحمل والاحتمال، لكننا نستميت محاولين فهمها وحلّ معادلتها؛ وبالتالي تحمّلها واحتمالها كي نعيش.. وكي نحيا.