عروبة المنيف
بدأ موسم الإجازة الصيفية والكثيرون من أبناء الوطن كانوا قد شدوا رحالهم وغادروا المملكة قاصدين دول العالم سائحين في أراضي الله الواسعة، وآخرون يستعدون للمغادرة متطلعين لاستقبال يليق بهم كضيوف في بلد مضيف، تواقين لمعاملة حسنة واستقبال مشرف. فالسفر سواء كان للسياحة أو للدراسة أو للطبابة أو غيرها، هو ليس بهدف الترويح عن النفس وقضاء وقت ممتع فقط، بقدر ما هو فرصة ثمينة لأن يقدم كل مواطن أفضل صورة عن نفسه كإنسان محترم وحضاري أولاً، وأفضل صوره عن وطن ينتسب إليه ويتشرف بحمل جواز سفره ثانية، ليكون كل مسافر سفيراً لوطنه وعلى مستوى رفيع يحمل جواز سفر أخلاقه من خلال حسن تصرفه ورقي سلوكه، فعند مغادرة أرض الوطن ينبغي على كل مغادر أن يعاهد نفسه بأن يكون خير سفير لبلده مقدماً صورة مشرفة عن رقي الأخلاق وحسن السلوك من أجل صيانة تلك المواطنة التي يتشرف بالانتماء إليها .
كلنا نفخر ونتشرف بمواقف عديدة لمواطنين سعوديين مثلوا بلدانهم أفضل تمثيل فكانوا سفراءأً فوق العادة رفعوا رأسهم أولاً ورأس أوطانهم ثانياً، برقي أخلاقهم وحسن تصرفهم. لقد نشرت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي صوراً لمشجعين سعوديين بعد إنتهاء مباراة المنتخب السعودي أمام الأرغواي في روسيا وهم يقومون بتنظيف المدرجات من النفايات رغم خسارة فريقهم، وقد أثارت تلك الصور إعجاب الجميع حيث علقت صحيفة الإندبندنت البريطانية بعبارة تقول « أليست تلك اللفتة الأكثر تهذيباً في كأس العالم؟».
مواقف أبنائنا المبتعثين أيضاٍ في الخارج، هناك الكثير من المواقف المشرفة والتي كان آخرها ما قام به المبتعثان السعوديان» ذيب اليامي وجاسر الراكة» من تضحية إنسانية تسطر أروع الملاحم البطولية، فقد غرقا في نهر بولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأمريكية بعد محاولتهما إنقاذ طفلين من الغرق، فمات الشابان المبتعثان وعاش الطفلان. لقد عبرت تلك الحادثة عن نبل أخلاق من المبتعثين رحمهما الله، وقد انتشر خبر استشهادهما في جميع وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً في إشادة لما قاما به ولحجم تضحيتهما الإنسانية العظيمة التي يستحقون التكريم عليها.
كوننا سفراء لأوطاننا في الخارج، لا يعني أننا نمثل وطننا فقط، بل مع النقل الحي لأي حدث غير لائق يصدر من أي شخص هو بمثابة تشوية لسمعة شخصية قبل تشويهه لسمعة وطن ينتسب إليه. فلنمثل أنفسنا بما يليق بنا ولنعكس صوره إيجابية مشرفة لنا أولاً ولأوطاننا ثانيةً، فالكاميرا ترصد ولا ترحم، فإن لم تردعك أخلاقك ستردعك عدسة الكاميرا الموصولة بوسائط التواصل الاجتماعي الناقله لكل جميل ولكل قبيح، فينبغي عدم التهاون في أي تصرف نقوم به، فالعالم كله يرصد بالصوت والصورة، وأي تصرف في أقصى بقاع الأرض يصبح متاحاً وبين أيدينا بلمح البصر وأينما كنا. لقد وثقت عدسات الكاميرات في السابق تجاوزات غير لائقة من أبناء الوطن في عواصم وبلدان أجنبية، ولكنها تظل محدودة وتمثل شريحة بسيطة من المجتمع، وأكرر فالمتضرر الأول هو من مارس التصرف المسيء قبل أن يسيء لوطن أو لشعب.