فهد بن جليد
في الإمارات أُعلن إطلاق حملة شعبية لمقاطعة الألعاب الإلكترونية. مقاطع فيديو انتشرت للعديد من الأسر هناك وهي تتنافس في التخلص من أجهزة الألعاب الإلكترونية، بحضور أطفالهم الذين بدوا مقتنعين بالخطوة. تزامن هذا مع إعلان الكويت حظر مواقع التواصل الاجتماعي على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا، مع تجريم مَن يصوِّر أطفاله وينشر ذلك عبر وسائل التواصل بقصد التكسب أو البحث عن الشهرة. في السعودية كنا سباقين في تجريم مَن يستغل الأطفال في وسائل التواصل الاجتماعي -وإن لم نسمع عن عقوبات طُبقت حتى الآن- كما أن حالات وُصفت بالانتحار بين الأطفال جعلتنا في تماس مباشر مع المشكلة أكثر من المجتمعات الأخرى، إلا أن هذا التحرك الخليجي المتنوع لتصحيح علاقة الأطفال بالتقنية يجعلنا نشعر بالتفاؤل.
ما بين الرفض الكامل، والحد من خطر هذه الألعاب تدريجيًّا بمراقبتها، تباينت آراء الآباء الذين قابلتهم للحديث عن هذا الملف؟ المؤكد أن المنع المطلق خطوة اتفق الجميع على أنها حل جذري، يحتاج إلى اقتناع الطفل أولاً، وهذا لن يتم بعرض الأضرار فقط دون طرح بدائل ترفيهية مشابهة، ومأمونة الجانب باستشارة نفسية؛ حتى لا يشعر معها الطفل بأنه أقل من أقرانه أو مختلف عنهم. أنا مؤمن بأن الرقابة خيار صعب جدًّا ومعقد؛ ويحتاج لذكاء وفطنة من الوالدين لممارستها دون أن يشعر الطفل بأنه تحت المجهر؛ لأنه حينها سيحاول أن يكون مثاليًّا، ويدافع عن نفسه وخياراته.
ثمة خيط رفيع بين المنع والرقابة، على الوالدين إدراكه، والإمساك به جيدًا. ترك الأطفال وحدهم يخوضون معترك الصراعات الإلكترونية، بحجة أنهم يمارسون ألعابًا إلكترونية عصرية، تناسب أعمارهم، وتنتشر في مختلف المجتمعات الإنسانية، برأيي إنه (اغتيال) لبراءتهم، وقصور في تقدير عواقب الأمور ممن تولى أمرهم. أطفالنا يتعرفون على العنف، ويتزايد لديهم السلوك العدواني بسبب بعض الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على القتل والعراك، وتشكيل العصابات، وممارسة سلوكيات خاطئة لا تتناسب مع أعمارهم، ولا مع دينهم وثقافتهم وتربيتهم.. كما أن المنع المطلق قد يلقي بظلاله على شخصية الطفل؛ ليشعر بالحرمان؛ ونعود معها للمربع الأول من خلل السلوك. كل هذا يجعلنا نشير لتنشيط الرقابة الأسرية كأفضل الحلول المطروحة، وهو ما نحتاج معه لدورات وورش عمل من أجل أن يُفهمنا المختصون كيف نقوم بالخطوة بالشكل الصحيح؟ لا تراقب طفلك بالشكل التقليدي حتى لا تفقده أكثر، وابحث دائمًا عن المشورة والنصيحة عند المختصين حتى لو لم تقتنع بما يقولون!
وعلى دروب الخير نلتقي.