إبراهيم عبدالله العمار
في رواية «أول اتصال» عام 1945م أتى شيء غريب: مترجم عالمي. بعدها انتشر هذا الجهاز في أعمال الخيال العلمي، جهاز يترجم كل لغات العالم، وظهرت الآن تطبيقات جوال تترجم أي نص فورياً لكن بلغات معينة وبدقة محدودة، فاللغة لا يمكن أن يتقنها أي جهاز، لكن هناك لغة لو تعلّمتها لاستطعت أن تتخاطب مع كل أهل الأرض وأن تفهمهم، هل تعرفها؟ إنها لغة الجسد.
الخبير جو نافارو وغيره أعطونا لمحات مبهرة عن لغة الجسد، منها أن الحركات التي تعاكس الجاذبية تدل غالباً على مشاعر إيجابية، فمَن لديه أخبار سعيدة وهو جالس قد يرفع قدميه من أطراف أصابع القدمين أعلى وأسفل ويكررها، أو يمشي مرتفِعاً أعلى من العادة في مشيته. وهذه تُرى أيضاً في الذراعين، فالمزاج الإيجابي يجعل الشخص يلوح بذراعيه ويديه ويحركهما بحرية، أما من تسقط عليه أخبار مُقلقة فتهبط ذراعية وكتفيه وتقل حركتهما الواسعة. ومن الأشياء المؤلمة التي لاحظها المؤلف هو عندما يرى أطفالاً يُدرِك أنهم يتعرضون للأذى الجسدي ويرى هذا من لغة جسدهم، فلاحظ أن أكتافهم تهبط وحركة أذرعتهم متوقفة حتى وهم يمشون أو يلعبون، وهو شيء تعودوا عليه كنوع لا شعوري من التجمد -وهي حركة آلية عند الكائنات الحية وقت الخطر- وكأن الطفل يسعى للاختفاء عن بصر الأب أو الأم التي تعذبه.
الخبير نافارو يمارس الرياضة ويسبح في أحد النوادي الرياضية، ولاحظ أن هنالك طفلة تأتي للنادي، ولفت انتباهه شيء: أن الطفلة إذا أتت والدتها فإن حركة يديها وذراعيها تتوقف، وشعر نافارو أن هناك خَطباً، وبعد فترة رأى كدمات على ذراعيها، فذهب للمسؤولين في النادي وأنبأهم بهذا، غير أنهم قالوا إن الطفلة لديها إعاقة عقلية وإن هذه الكدمات ربما أتت من ارتطام أو سقوط، لكن لم يقنعه هذا الجواب لأنه يعرف من خبرته الفرق بين آثار الضرب وبين السقطات، فأحالوا الأم للسلطات بعدما اتضح فعلاً أنها كانت تضرب الطفلة بعنف، ونافارو عرف هذا فقط من حركة ذراعيها.
هذا ما يشير إليه الكاتب أيضاً عندما ينبهنا إلى أنه عندما راقب اللصوص في كاميرات المراقبة في الأسواق لاحظ أنهم قبل أن يسرقوا فإن حركة أيديهم وأذرعتهم كانت معدومة، وكأن اللص لا شعورياً يحاول أن يختفي من أبصار الناس بأن يحد من حركته، إلا أن هذا هو الشيء الذي يلفت انتباه المختصين! في النهاية، فضحتهم هذه اللغة العالمية.