أحمد المغلوث
نحن في فصل الصيف. وموسم الإجازات المدرسية. وكذلك العديد من أولياء الأمور يفضلون أخذ إجازاتهم خلال هذا الفصل والذي بات في السنوات الأخيرة يتسم بارتفاع درجة حرارته ليس في بلادنا فحسب، وإنما في مختلف دول العالم.
ومن حق أولادنا وبناتنا بعد شهور من الدراسة والتحصيل والركض بين صفحات الكتب وكراسات المحاضرات أن يحصلوا على قسط من الراحة وحتى التسلية. ومن هنا يحرص الذي أتاحت له ظروفه وإمكاناته المادية ان يحقق البعض من تطلعات أولاده وبناته وأن يهيئوا لهم مافيه مصلحتهم ومصلحة مجتمعهم بل ووطنهم الكبير في ظل القيم الكريمة والمثل العظيمة التي اكتسبها الجميع من خلال الأسرة والتربية والمدرسة بل وحتى الحياة الاجتماعية. ولاشك أن الإنسان الواعي سواء أكان شابا أو فتاة هو الذي يستطيع أن يستثمر وقته خلال الصيف فيما ينفعه ويعود عليه وعلى أسرته بالفائدة.
فأيام الإجازة طويلة وحرام أن يقضيها البعض في النوم ومتابعة ألعاب إلكترونية تسرق منهم أثمن شيء في الحياة ألا وهو «الوقت» وإذا كانت أيام الدراسة كانت زاخرة بالأنشطة والحيوية التي تجبرهم على الاستيقاظ المبكر، وبالتالي هم أكثر التزاما بالحضور للمدارس أو المعاهد أو الكليات على حسب نوعية دراساتهم مما يجعلهم أكثر نشاطا وحيوية وحتى نفسيا فهو مشغول بدراسته وتحصيله ومذاكرته فلا شيء قد يشغله عنها.
ولكن في أيام الإجازة لايعني مطلقا أن تضيع أوقاتها ما بين النوم والكسل وعدم العمل. وبالتالي ليس المطلوب أن يذهب الواحد منهم للبحث عن عمل في الصيف بحثا عن المال. كما يفعل ملايين الطلاب والطالبات في مختلف دول العالم وحتى المئات من طلابنا نجدهم يحسنون ولله الحمد أيام الاجازة فتجدهم يمارسون أعمال بسيطة مفيدة لهم ولأسرهم. وهذا شيء طيب بل يعتبر من أفضل أنواع الاستثمار للوقت والقضاء على الفراغ. وفي سوق الأربعاء بالمبرز، شاهدت أكثر من شاب يبيعون محصول «الرطب» والتين ورغم درجة الحرارة المرتفعة إلا أنهم وتحت مظلاتهم كانوا يمارسون عملهم بحب وسعادة. فهم على الأقل وكانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا كانوا في قمة حيويتهم ونشاطهم. وشعرت باعتزاز بهم كونهم أحسنوا استغلال أيام الإجازة فيما ينفعهم ويفيدهم وأسرهم ولم تضع أوقاتهم في لهو وعبث ونوم ولكنها فرصة طيبة لهم للعمل الحر والحلال، والحصول على المال المبارك ولو كان قليلا. المهم العمل.. والعمل خلال إجازة الصيف يجعل الأبناء يتعلمون كيف هي المسئولية وكيف الحصول على المال بطريقة مشروعة. وكم هو جميل عندما يجد الطالب العامل نفسه يملك مالا جناه من خلال عمله وتعبه حتى ولو كان هذا العمل متواضعا. كالعمل في الأسواق او التوزيع أو التسويق. فمع مرور الأيام يكتسب من يعمل أسرار العمل والخبرة. وكيفية التواصل مع الآخرين.. ونسبة كبيرة من أصحاب المليارات والملايين في العالم بدأ بعضهم العمل خلال الإجازة المدرسية. ومن خلال هذا العمل البسيط اكتسبوا المعرفة والخبرة وسبر أغوار أسرار الأعمال الناجحة. كذلك بإمكان الطلاب والطالبات خلال الإجازة الالتحاق في دورات التعليم والتدريب المختلفة لتعلم هواية مفيدة أو على الأقل تعزيز معرفته باللغة الانجليزية وغيرها، ومناطق ومحافظات المملكة باتت في السنوات الأخيرة تتوافر فيها معاهد خاصة للتدريب والتعليم طوال العام، وعلى الأخص في فصل الصيف.. وما أروع أن يستغل أولادنا وبناتا أوقات فراغهم فى الحصول على «كورسات لغات» ودورات في الحاسب الآلي لتطوير مهاراتهم وتأهيل نفوسهم إلى سوق العمل. فهل نفعل. نأمل ذلك..