فهد بن جليد
يتواصى الطفارى فيما بينهم بضرورة سرعة سداد فواتير الخدمات مُبكراً فور صدورها آخر كل شهر -أي بعد يوم أو يومين من إضافة الراتب- يوافقهم في ذلك ثُلة من المُختصين والخبراء الاقتصاديين، ممَّن يؤمنون بنظرية السداد المُبكر والخلاص من عواقب ونزوات تسرّب المال بالصرف المتأخر والمُفاجئ، على اعتبار أنَّ بقاء (ريالٍ واحدٍ) في حسابك البنكي يعني صرفه لا محالة، وعندها ستقع في محظور تراكم (الفواتير والأقساط) التي تحتاج إلى استعداد وخطط مواجهة شهرية مُستمرة، لأنَّها أصبحت تلتهم جزءاً من دخل الأسرة الشهري.
(الداعي لعفو ربه) يرى عكس ذلك -بحكم الانتظام السابق في السداد المُبكر لسنوات طويلة دون فائدة- ويدعو إلى ضرورة الاحتفاظ بمبلغ فواتير الهاتف والكهرباء والماء وغيرها من الأقساط الشهرية في حسابك حتى آخر مُهلة لسداد كل منها، ففي ذلك فوائد (جمَّة) لا يعلمُها إلا نفر قليل، منها الراحة النفسية بأنَّك تملك (مالاً) طوال أيام الشهر -حتى لو لم تستطع صرفه- ولكن على الأقل تُسلِّي نفسك بسياسة الأولويات على طريقة (الخير واجد الحمد لله) لكن هناك أولويات في الصرف، وهذا عكس شعور مطافيق (السداد المُبكر) ممَّن لا يستمتعون بدخلهم الشهري، الذي لا يبيت في أرصدتهم سوى يوم أو بعض يوم، جرِّب أن تُبقي مبالغ الفواتير في حسابك البنكي أيامًا وأسابيع -شريطة أن تنجح في المُحافظة عليها من الصرف- حتى موعد السداد الأخير -هذا يعني تراكم المديونيات- ستكتشف أنَّ ثمَّة شعورًا كبيرًا بالرضا، وهو ما قد يدعوك لمُراجعة سياسات الإنفاق والصرف الشهرية وتخفيض قيمة الاستهلاك.
سداد الفواتير فور صدورها أمر نفسي لا أكثر، يعتقد مُعظم الناس أنَّه بذلك يضمن استمرار الخدمة وعدم انقطاعها بتعامله الجيد مع الشركة، بينما الحقيقة أنَّ العميل المُنتظم بالسداد بهذه الطريقة لا يجني أي فوائد أو ميزات، شركات الخدمات تنسف سيرتك وتاريخك معها، ولا تنظر إطلاقاً لانتظامك في السداد المُبكر، العقوبة واحدة حال التأخر على جميع المُشتركين، فلماذا لا تستمتع بوجود مالك بجوارك حتى آخر لحظة في الشهر، أنت تحرم نفسك وتمنحهم فرصة وفرة السيولة في أرصدتهم وهم لا يُقدِّرون لك ذلك، السداد المبكر لا يعني التخلص من أرق وهم بقاء الفاتورة مُعلقة، بل هو مؤشر يدل على ضعف ونقص في القدرة على المُحافظة ببقاء المال حتى آخر لحظة قبل الدفع، والتحكم في صرفه!
وعلى دروب الخير نلتقي.