د. محمد عبدالله الخازم
مصطلح القادة نطلقه على من يتولى منصباً أو سلطة إدارية، والأمر هنا تجاوزاً فليس كل مدير قائداً وإن نُصِب على قمة الهرم. كتبت عن نوعية القادة المترددين الذين لا يستطيعون قول «لا» كما هم يقولون «نعم»، يمنحون الوعود والآمال غير الدقيقة ويستخدمون آخرين لتوصيل رسائلهم بدلاً من المواجهة. اليوم أكتب عن مديرين من نوعية أخرى مروا بكم أو ستجدونهم في طريقكم، الإجابات لديهم جاهزة وهم يعرفون كل الأمور ولهم آراء في كل التفاصيل ويعلمون كل المحاذير. يجيدون التوجيهات وينقصهم الإنصات وحب النقاش. والإنصات ليس مجرد منح الفرصة في الكلام بل التأمل والتفكر فيما يقال قبل رفضه أو مهاجمته. هم فقط من يفهم ويستطيع تنفيذ العمل وغيرهم يحتاج توجيهاً وتدريباً!
هؤلاء القادة، حتى في الاجتماعات يتحدثون أكثر من غيرهم ويدلون بآرائهم قبل أن يستمعوا لآراء الآخرين، و(يتنمرون) لفظياً على من يطرح رأياً مخالفاً لهم. الحصافة مع هؤلاء القادة تتمثل في الإشادة بحكمتهم والثناء عليهم، وإن عجزت فيكفي هز الرأس أو الصمت. يجب أن تدرك أنهم لا يحضرونك لاجتماعاتهم ليحصلوا منك على رأي جديد أو مختلف، بقدر ما يريدونك (ترس) في العملية البيروقراطية، ليقال إن القرارات صدرت عن طريق اللجان والفرق والمجالس. وإن أردت أن تحارب لأجل رأي محدد فعليك تحمل ما يأتيك، وبذل مزيد من الجهد في التعرف على المفاتيح الشخصية لقائدك. تذكر أن وراء كل وجه عبوس نقاطاً طيبة أو ضعفاً خفياً!
هؤلاء القادة يجيدون مراجعة المعاملات والخطابات حرفاً حرفاً، لكنهم لا يجيدون قراءة التقارير والتفكير خارج الصندوق. الخطأ الإستراتيجي يكمن في تعيينهم في مناصب قيادية بينما هم لا يستطيعون تجاوز أدوارهم كمديرين وهناك فرق بين القائد والمدير؛ فالقائد يحفز الناس بينما المدير يركز في المهام والنظام والآليات، القائد يبحث عن التحدي في الأفكار الجديدة بينما المدير يهتم بالحفاظ على وتيرة العمل، القائد يبحث عن الإبداع بينما المدير يبحث عن النسخ، القائد ينظر للمستقبل البعيد بينما المدير يهتم بالأهداف القصيرة، القائد يستخدم الذكاء العاطفي بينما المدير دون ذلك، القائد يبحث عن الفرص بينما المدير يتجنب المغامرة، القائد يمنح الناس الثقة بينما المدير يركز على التحكم.
وبما أننا تحدثنا عن نموذجين من المديرين فالأمر يسوء بوجود قائد متردد ومعه مدير من نوعية الذين نصفهم هنا، حينها تنقلب الأدوار - عكس التراتبية الإدارية المعتادة- ويحتار الموظف من هو صاحب القرار وله يجب تقديم الولاء وتغيب عن المؤسسة المبادرات المتميزة لأن القائد سلبي والمدير (متنمر) لا يجيد التفكير الإستراتيجي. طبعاً، نؤكد بأننا نستخدم أوصافاً قد لا تنطبق على مدير واحد. قد تجدون أو وجدتم في حياتكم من تنطبق عليه بعض الأوصاف، فلكم من الله العون.
التعرف على نمط القائد يساعدكم في التعامل معه، وهناك قادة مبدعون كتبنا وسنكتب عنهم مستقبلاً. تحية لجميع القادة الذين عملت معهم، فقد تعلمت منهم الكثير؛ حُفزت وأبدعت بالعمل مع المتميز منهم وتعلمت الصبر والتحمل والمداراة مع الصعب منهم.