د.عبدالعزيز العمر
لا أستطيع أن أفهم ما نقوم به أحياناً من ربط بين الشهادات العلمية العليا التي يحملها الشخص وفرص حصوله على مراكز ورتب وظيفية عليا في الدولة، ربما حدث ذلك بسبب تأثرنا بأحدى البلدان المجاورة لنا. ولعلنا في هذا الشأن نتذكر أنه مر على وزارة الصحة قيادات تعد متميزة في مجال الطب، ولم يقدم أكثرهم معشار ما قدمه وزير صحة غير متخصص في الطب. الشخص المتمكن والمتميز علمياً ومهنياً في تخصصه مكانه الطبيعي هو الجامعة أو مراكز البحوث العلمية.
إن مجرد تميز الشخص في الجانب العلمي التخصصي لا يبرر بمفرده أن يسند إليه قيادة عمل إداري على مستوى وزارة. الواقع أن بعض (وأقول بعض) حملة الشهادات العليا (ما تسرح به الغنم) خارج تخصصه الدقيق. عندما يكون الشخص متعمقاً ومنغمراً في تخصصه الضيق فإنه غالباً لا يعود أن ينظر للعالم من حوله ويقيمه إلا من خلال ثقب تخصصه الدقيق، بل إنه قد يميل إلى التقليل من أهمية ما يقدمه له الآخرون من حوله من أفكار. لا يوجد معيار لترشيح شخص لمراكز إدارية عليا أفضل من (حسه) الوطني و(نظرته الواسعة -الشاملة- البعيدة) لأهداف وتوجهات إدارته، وقدرته على ربط أهداف إدارته بالتوجهات الوطنية العليا لوطنه. لكن للأسف لا يوجد حالياً اختبار يقيس درجة الحس الوطني عند الشخص، نحن هنا قد ننخدع أحياناً بالقدرة الإنشائية البلاغية الشعرية للشخص في التعبير عن وطنيته.