عماد المديفر
جميع الشرور والمهددات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة منبعها نظام ولاية الفقيه في إيران، وتنظيم ولاية المرشد الإخواني.. ولن تستقر المنطقة، أو نأمن على أوطاننا، وتزدهر بلداننا، وينمو اقتصادنا، إلا بالقضاء على هذين التنظيمين الإرهابيين، والذين هم في حقيقتهم تنظيم واحد، وفكر واحد، يتبادل الأدوار والمهام بخبث وذكاء.. لذا؛ ينبغي وجوباً أن يكون هذا الهدف أولويتنا القصوى كون التقصير في تحقيقه يضر بشكل مباشر بأمننا وسلامتنا ومصالحنا العليا..
نتحدث هنا عن حقائق ومعلومات راسخة وملموسة، ومن هذه المعلومات والحقائق التي لربما غابت عن البعض، أن الخميني نفسه، ما كان ليصل لسدة الحكم في إيران لولا دعم الإخوان المسلمين له، خارج وداخل إيران، وتزيين حكمه للاستخبارات الغربية، التي منحته الضوء الأخضر وشجعته ودعمته لحكم إيران، بعد أن مرر عليها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بأن الخميني هو من سيخدم أجندتهم وأهدافهم الاقتصادية، بعد أن عمل الشاه على طرد شركة النفط البريطانية ودعا الروس لإدارة منابع النفط لديه باتفاق أفضل من اتفاقه السابق مع البريطانيين.. وما أن وصل الخميني لسدة الحكم حتى استهدف هو نفسه الولايات المتحدة والمصالح الغربية بالإضافة لمصالح دول وشعوب المنطقة التي هي الهدف الأساس للملالي والإخوان، والتي عانت منهما الأمرين.
والأمر ذاته تكرر في غزو الأمريكان للعراق، حيث زين الإخوان وعملاء نظام الملالي من العراقيين، للأمريكان، غزو العراق. وعملوا على تجنيد العملاء داخل العراق وفي مفاصل حساسة، فتكبدت الولايات المتحدة الأمريكية الخسائر الفادحة في غزوها له، كما صرح الأمريكان بأنفسهم بذلك، ثم سلموه بسبب سوء إدارتهم للمشكلة، وعلى طبق من ذهب، لعملاء الملالي وعملاء مرشد الإخوان من العراقيين الخونة، ولم تستفد أمريكا فعلياً شيئًا يستحق تلك التضحيات والخسائر، بل زادت الأمور تعقيداً، وخسائر للمصالح الأمريكية، وزادت الكراهية تجاهها، فنجح هذا الحلف الخبيث في خداع الغرب وأمريكا مرتين.. وثالث الأثافي كان مؤامرة الربيع العربي، حين ادعى الإخوان للاستخبارات الغربية بأنهم قادرون على التحكم في العقول عبر العالم الإسلامي، وأنهم متى ما وصلوا للحكم فسيقضون على (الكراهية) المزعومة لدى العرب والمسلمين تجاه الغرب وأمريكا- ولاسيما أن سبب الكراهية بزعمهم هو «حكم الديكتاتوريات العربية التي ينظر لها الشارع العربي والإسلامي بأنها لم تكن لتحكمهم لولا الدعم والحماية الغربية والأمريكية لهم» -زعموا- وأنهم متى ما أزاحوهم وحكموا فستتغير العداوة إلى محبة، ويعم السلام والوئام، كون الغرب وأمريكا بذلك إنما يدعمون الديمقراطية، وحق شعوب المنطقة في الحرية بزعمهم!
في حين أن الإخوان والملالي هم في حقيقتهم من كان -ولا يزال- ينشر ويغذي أيديلوجيا الكراهية ضد أمريكا والغرب.. إلا أن الإخوان نجحوا فعلاً حينها بالتأثير على دوائر صنع القرار هناك، فحدث أن دعم الغرب وأمريكا الإخوان المسلمين ليصلوا لسدة الحكم في الدول العربية، غير أن هذه العملية فشلت -حتى الآن على الأقل- إذ لا يزال تنظيم الإخوان المسلمين ونظام ولاية الفقيه، يمنيان أنفسهما بثورات وانقلابات أخرى..
ومن تلكم الحقائق التي ينبغي ذكرها ضمن هذا السياق، هو تنظيم الحمدين في قطر، والدور الرئيس للملالي والإخوان في عملية انقلاب حمد بن خليفة على والده، وتمكينه من سدة الحكم، ليتم توظيف قطر منذ ذلك الحين، كحصان طروادة يخترق دول المنطقة وشعوبها، والمملكة بالتحديد، لخدمة أهداف التنظيمين الإرهابيين..
ومن تلكم الحقائق هو دعم تركيا لنظام الملالي بعد أن سيطر على سدة الحكم فيها أردوغان وحزبه، حتى أضحت تركيا طوق النجاة لنظام الملالي متى ما تم تشديد الحصار الاقتصادي والتسليحي عليه.. وهو ما نشاهده عياناً بياناً اليوم في أفعال وتصريحات المسؤولين الأتراك، والتي تجعل منهم شركاء مباشرين في كل ما ترتكبه عمائم الشر والإرهاب في طهران، تمامًا كشراكتهم مع التنظيم الدولي الإرهابي للإخوان المسلمين، ودعم الجماعات المسلحة الإسلاموية الإرهابية المتطرفة هنا وهناك..
فمن جهيمان التبليغي إلى ابن لادن الصوفي الإخواني، مروراً بحزب الله اللبناني، وحزب الله الكويتي، وحزب الله الحجاز، والقاعدة، والقاعدة في جزيرة العرب، وليس انتهاءً بالحوثيين وفيلق القدس والتنظيمات الإرهابية والطائفية في سوريا والعراق ولبنان كداعش وفاطميون والنصرة وحماس وفتح الإسلام والجبهة الشعبية القيادة العامة وزينبيون ولواء أبو الفضل العباس وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر وغيرها العديد من ميليشيات وتنظيمات ومنظمات الإسلام السياسي بعباءتها السنية والشيعية -والسنة والشيعة منهم براء- جميعها مرتبط بشكل أو بآخر، إما بنظام ولاية الفقيه وحرسه الثوري، أو بتنظيم الإخوان المسلمين، أو بكليهما، وفق أدلة ووثائق مادية مثبتة وموثقة.
ومما يجدر الإشارة إليه هو أن أكثر ما يخشاه الإخوان ونظام ولاية الفقيه هو زوال الطائفية، فهي الوسيلة التي يمتطيها الفريقان (الإخوان والملالي) وفي عملية لتبادل الأدوار، لاختراق السنة والشيعة على السواء، كلٌ من جانبه، وادعاء كل منهما بأنه كما لو كان هو المدافع عن السنة أو الشيعة.. فيتصدر المشهد، ويسعى لقيادة توجهات الجماهير وعواطفهم والرأي العام هنا وهناك، بحجة حماية الطائفة وشيطنة الأخرى.. فعمل ويعمل التنظيمان الرئيسان: الإخوان وولاية الفقيه، على إثارة الطائفية والكراهية والأحقاد بين السنة والشيعة، من جانب، تماماً كما يقومان بوسم من يكشف شرهما ويحاربهما بأنه: «طائفي»! لينطبق عليهما المثل القائل: «رمتني بدائها وانسلت»..
عليه؛ ينبغي اليوم التركيز أكثر من أي وقت مضى، على التعامل مع هذين التنظيمين، وعملائهما في الداخل، والخارج، والدول التابعة لهما، بكل حزم وحنكة وحكمة وذكاء.. فالمعركة مصيرية بمعنى الكلمة.
إلى اللقاء.