د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في الشكل الأمثل والنموذج الأقرب يمكن البدء في استيلاد إستراتيجية النموذج الوطني للشباب لتخدم أهدافًا تطويرية تم تصميمها وصياغتها مسبقًا، كما أنها تؤطر لاستيلاد عبقريات شبابية تجيد الصناعتين (الإعداد والتنفيذ)، لأن الشباب من متكآت بناء المنهج السليم لصناعة التحول الوطني، وقيادة الاحتفاءات الوطنية بالإنجاز، وبلورة البرامج إلى ممارسات حقيقية منتجة. ومن العدالة أن يتم إعداد الشباب لصناعة القرار النهضوي وتنفيذه والاحتفاء به، ولذلك فإن التنوع في برامج التعليم ومساراته، وتمهين البرامج التعليمية بمعنى استخلاص النموذج العملي من كل برنامج وتنصيبه محوراً تدور حوله القرارات هو من مقومات التوجه التعليمي السليم، كما أنه من دعائم بناء مسوغات متينة للتغيير الإستراتيجي من خلال مخاطبة عقول المتعلمين من الشباب، ويجب أن يتوافق ذلك مع جهود موازية لاستحضار الالتزام العاطفي من خلال الوعي الفكري وتشريح كل الخطابات المثبطة للهمم، وتحييد كل العوامل السالبة للعزائم، وبث المسئولية الوطنية، وبناء ثقافة تعليمية وتربوية شاملة تدعم تلك الجهود.
وأحسبُ أن صانعي السياسات التعليمية ما زالوا أسرى الفكر الذي يُصنَع ويُدفعُ به ليتلقاه الشباب على اختلاف ميولهم وبيئاتهم، فكلما أضاء لهم مشوا فيه، فكأنما تم تصميمه لشأن محدود في وقت وينتهي، وبات من الواضح أن صناعة نموذج الشباب الوطني المطلوب تتطلب عملاً جباراً وخططاً محكمة وحلاً بنيوياً أوسع وأشمل، وبلادنا اليوم تعيش فرصاً سياسية واقتصادية مواتية للتأسيس؛ ولابد من الاستهداف التعليمي المنهجي والتربوي والاجتماعي والثقافي لواقع الشباب الذين هم الشريحة الأكبر عدداً في النسيج المجمتعي السعودي. وذلك كله يجعلنا نرقبُ وثيقة وطنية يقرها المقام السامي الكريم تعتمد إستراتيجية وطنية للشباب توجه السياسات والبرامج ويحتكم إليها في كل الصياغات التنموية الموجهة للشباب في طقس الوطن. والموجود اليوم من المبادرات نحو الشباب هي بدايات التشكيل وانطلاقات نحو صناعة متكاملة لاستزراع الأشجار الملأى -بإذن الله- فقد تبنت بعض الجامعات برامج للشباب من خلال مراكز خاصة أُلحقتْ بالجامعات مثل مركز أبحاث الشباب الوطني في جامعة الملك سعود، كما فاض دعم سخي للمبادرات الشبابية في بعض المؤسسات المعتبرة في بلادنا مثل مركز الملك سلمان للشباب في مؤسسة مسك الخيرية، واستحْدِثت في المناطق مجالس لشباب المنطقة، وتلك جهود تُذكر وتشكر أحسبها تتوق لمظلة وطنية موحدة تؤطر لأعمالها وتمتن دروبها وتوسع نطاق الاستفادة منها وتسهم في تحقيق التنسيق المطلوب بين كل القطاعات الوطنية العامة والخاصة. ودائمًا ما يكون النطاق التشريعي ودودًا وداعمًا ومرجعًا يُحتكمُ إليه من خلال حزمة من المؤشرات التي تلتقط نبض الأهداف وتعلن الحكم عليها وتذكي في إهاب الشباب مقومات النهوض.
«فتية تعشقُ المعالي وتبني
مشمخرا جاد القضا ببنائه
فتية عُلّقتْ عليها الأماني
كل شعب يعتزُ في أبنائه
ما حياة البلاد إلا شباب
ما استقاموا أغنوه عن حكمائه
سعوديّ لو رام هام الثريا
لاعتلاها مصفقا باستوائه»