علي الخزيم
مع كل معرض للكتاب أقتني ما تيسر لي مما عرض وأضمها إلى أرفف تحمل ما جلبته من أكثر من معرض سابق هنا وهناك وكلها تنتظر دورها لقراءتها وتئن من الغبار الذي امتهن كرامتها وغير عناوينها وألوان أوراقها، فمع تفقدي لها بين حين وآخر إلا أن موجة الغبار الأخيرة قد فاقت كل ما سبقها، فاجتهدت لإنقاذ الكتب من التلف واحتراماً لما تحويه من علم وأسماء كريمة منحتنا عصارة أفكارها وخلاصة تجاربها فحق علينا أن نكرمهم ونحفظ قدرهم كأنهم أمامنا.
لكن لماذا بقيت هذه الإصدارات القيمة دون تناولها بالاطلاع وقراءة مضامينها كل هذه المدة؟.. أهي المشاغل أم الغفلة أم أنها حالات من العزوف عن المطالعة؟.. قد يقال إنها حالة عامة بالمنطقة نظراً لطبيعة الطقس والأجواء غير المشجعة، وثمَّت من يقول إن بالحدائق العامة فرصة للاسترخاء والاستمتاع بالقراءة؛ فيقال إن هذا غير متحقق مع واقع كثير من الحدائق التي ترتادها العائلات (من كل جنس) بأطفالهم وألعابهم حتى أنهم يحضرون عصافيرهم للاستجمام وتوفير قيمة فاتورة الكهرباء لأنهم آنذاك يطفئون كل إضاءة وتهوية بمنازلهم، وزد على ذلك أن منهم من لا تستهويه (الأرجيلة والشيشة) والشواء سوى بين المتنزهين رغم الإعلانات التحذيرية بجنبات الحديقة، ثم إن شباباً -هداهم الله- يستهويهم الطرب والتجوال بسياراتهم حول الحدائق أو راجلين عبر ممراتها بقصاتهم وملابسهم غير اللائقة أحياناً، ويتجولون مشعلين سجائرهم وكأنها تكمل شخصياتهم ورجولتهم بينما هي بالواقع تقلل من قيمتهم بين الناس، وتسمع ما يسمى بالشيلات والأغاني الصاخبة تصدر من سيارات بعض المتجولين حول الحديقة بالإضافة لما يسمى (تفحيطاً وتقحيصاً) وبإزعاج لا يحتمل، فأين تجد متعة الاطلاع والتركيز بهذه البيئة المتناقضة، وإن أردت التجربة وأخرجت كتابك فلن تَعدم من يرمقك بعيون حادة هامزة لامزة؛ وتقرأ بملامح أصحابها أنهم من المستهزئين بك كمُدَّعٍ للعلم والثقافة وممن (يتميلحون) باستعراض كتبهم!.
قضية أخرى أعاني منها تعيق أي ميول للقراءة؛ تلكم هي وسائل التواصل الاجتماعي بما تحويه من تطبيقات وصفحات ومواقع تُلهي حتى عن الصلاة فكيف بالكتاب، لذلك وجدت أنه من المهم لي -ولكلٍ طريقته- أن أنظم الوقت بحيث لا يطغى جانب وعنصر على غيره، فقررت ما يلي: أنه سيكون لي في كل يوم -بعون الله سبحانه- نصيباً من الوقت لتلاوة آيات من الذكر الحكيم مع الاستبصار بحكمتها وتفسيرها وسبب نزولها وما يتعلق بها من حيث الأحكام والتشريع بقدر الإمكان؛ حتى لو كانت آية واحدة لكفتني بيومي ذاك، وسأجعل للاطلاع والقراءة وتنويع المعرفة وقتاً لا أتخلى عنه ما لم يحبسني حابس، ومثلها لمتابعة مستجدات الأحداث والأخبار، أما الاستمتاع بالجلوس مع الأسرة والاستجمام برفقتها فهو من مقومات الحياة السعيدة وعنصر هام لزرع الألفة والمحبة وتقريب القلوب، وإذا فقدت الأسرة هذه المقومات فما يبقى لها؟! فلنجرب تنظيم الوقت بحياتنا الخاصة وسنجد متعة لا تضاهى ومزيداً من المعرفة.