ميسون أبو بكر
بعد أن عرفت البائعة في محل الشوكولا في قرية Gsstad السويسرية أنني قادمة من المملكة تهلل وجهها بفرح وهنأتني وكل النساء بالسماح للمرأة بالقيادة في السعودية. وأصدقك عزيزي القارئ أن هذه التهنئة بادرت بها الكثير من النساء اللاتي قابلتهن في رحلتي.
في الأجواء الجميلة والريف السويسري المسور بالجبال المشجرة التي رغم الشمس الزائرة لبعض ساعات النهار فقد بقي الثلج يغطي سفوح المرتفعات، والطبيعة وادعة تحت سماء مظللة بالغيوم المسافرة حينًا والمقيمة حينًا آخر، كانت المدينة كلوحة باذخة الجمال، أحبها حين تتدارى الشمس خلف غيومها ويحبها أهلها أكثر في أجواء أكثر حرًا وسطوعًا للشمس.
عندما سألني مرافقنا الهنغاري في رحلتنا الأوروبية عن التغييرات في المملكة والتي شغلت حتى البسطاء في أنحاء العالم وأذهلت الكثيرين، على غير عادة الإنسان الأوروبي والأمريكي - الذي لا يتابع إلا أخباره المحلية ومؤشر الضرائب والخدمات في بلده- لكن وبحمد الله أصبحت المملكة قبلة اهتمام الجميع لما يتنامى إلى سمعهم من تغييرات اقتصادية واجتماعية وتأثيرات سياسية قوية للمملكة قائدة التحالفات والتي للنهضة التي تشهدها والسعي لتحقيق رؤيتها تأثير في المنطقة كبير.
دار حوار عذب بيننا؛ فقد أذهلني الرجل أنه ملم ببعض التفاصيل وسعيد أن الشباب في المملكة أتيحت لهم فرص كثيرة وخاضوا مجالات متعددة وشغلوا مناصب مهمة وأثبتوا جدارتهم بها، كذلك المرأة وهي مركز اهتمام الجميع، فقد تم تمكينها بشكل مُلفت، وقد أشرت إلى نساء أبدعن منذ زمن داخل المملكة وخارجها وأسماء لعالمات وطبيبات سعوديات عالميات.
إن نضال السيدات في العالم جدير بالتقدير، فقد أخبرتني إحدى النادلات أن نساء بلدتها الإيطالية كان يقتصر عملهن داخل المنزل وحقله ثم تربية الأطفال وكان غير مصرح لهن في العمل في وظائف خارج البيت إلا بموافقة ولي أمرها.
السياحة الناجحة في الغرب نتيجة الخدمات المقدمة والنظافة العالية وجودة الحياة بكافة مرافقها تجعل منها قبلة دائمة للسياح الذين ينشدون كل ما ذكر إضافة إلى الأجواء والطبيعة الساحرة التي وهبها الله لتلك البلاد، كذلك الخدمة المتميزة والمتقنة للعاملين في المطاعم والفنادق التي تستقطب السياح.
وسائل المواصلات المتوفرة والمتعددة ونظافة المحطات والخدمات وتوفر المطاعم، كل هذا يسهم في صناعة سياحية ناجحة نتمنى أن تكون تجربة ناجحة لتطبيقها في بلادنا بخاصة بعد الإعلان عن مشاريع عالمية عدة كـ «نيوم» وثقافية تراثية جاذبة للسياح في الداخل والخارج كـ «القدية»، وبخاصة أن الشمس والأجواء الحارة هي مطلب الأجانب في أوروبا والبلاد الباردة.
في المناطق التي زرتها رأيت عددًا من السياح السعوديين والخليجيين ليس بقليل، ولاحظت تغيرًا واضحًا في سلوكهم وثقافة السياحة لديهم، واحترام الأنظمة وعادات تلك الدول التي تكاد تكون دقيقة جدًا في القرى والمناطق الحميمية قليلة السكان.
لاحظت كذلك أن السائح الخليجي استطاع أن ينشّط وجهات سياحية جديدة لم تكن معتادة من قبل، فقد مللنا الأعداد الهائلة من السياح والمستثمرين لتركيا على سبيل المثال، وإننا لنلاحظ أن هناك مناطق عامرة بالسائح المستثمر الخليجي كـ «ديفون» على سبيل المثال التي التقينا فيها بعدد من الأسر السعودية والكويتية المعروفة، وليوبليانا عاصمة سلوفينيا التي لا يتعدى سكانها 250 ألف نسمة.
السياحة صناعة لذلك أثمن كثيرًا جهود الهيئة الملكية للعلا التي بدأت في إنسان المنطقة لتأهيله لخدمة السياحة في منطقة العلا، وقد ابتعثت أبناءها إلى 3 دول متميزة علميًا لدراسة ما يمكنه أن يفيد المنطقة ويسهم في تطورها.